يوميات الثورة- كتب الخبير الإستراتيجي صادق العامري -14يوليو
يستند هذا السيناريو إلى المبادرة الخليجية بصيغتها الرابعة وقبل الولوج في تفاصيل السيناريو من المستحسن عرض بعض حيثيات المبادرة ,
... أجرى الرئيس صالح اتصالات هاتفية بقادة دول مجلس التعاون الخليجي , طلب منهم تقديم مبادرة لإنقاذ الوضع بعد مجزرة جمعة الكرامة , حينها استطاعت قطر انتزاع موفقة خليجية بتقديم مبادرة غير مكتوبة تتضمن التنحي الفوري للرئيس صالح وبدون تفاصيل , الأمر الذي استشاط له صالح غضبا , ومضى يشن هجوما على قطر ومعبرا في ذات الوقت عن رفضه لتلك الصيغة , و أعلن قبوله لأي مبادرة تمثل مجلس التعاون الخليجي, كانت الأجواء حينها في ذروة التوتر, بما لا يسمح بأي مبادرة لا تنص على التنحي الصريح , فجاءت المبادرة مكتوبة , لكن مستوى التوتر كان قد انخفض بعض الشيء وعاد لصالح جزء من توازنه التطمين و السخاء السعودي ,إذ بادرت السعودية إلى مد جسر مساعدات عسكرية ومالية لتمكين صالح من المقاومة .عبر تفاهمات بين صالح والملك عبد الله تم تعديل المبادرة , بحيث اشتملت على بند الحماية من الملاحقة القضائية , ونقل السلطة للنائب خلال ثلاثين يوما , وتشكيل حكومة بالمناصفة بين حزب المؤتمر والمعارضة , بالإضافة إلى ذلك النص على رحيل أقرباء صالح , ويبدو ان صالح اتفق مع الملك السعودي على خطة مرافقة للمبادرة , فثمة مؤشرات تقود إلى صحة هذا الاعتقاد , منها - المدة الزمنية المحددة بثلاثين يوم - ترك ثغرات في صياغة المبادرة كمنفذ للمناورة والمراوغة المتتالية - التعديلات المتتابعة للمبادرة وصولا إلى الصيغة الخامسة - التعامل المتراخي مع واقع ملتهب , والضغط الناعم - و استمرار الدعم المالي الكبير مقرونا بدعم أخر عسكري, كل ذلك يشير إلى وجود مخطط تأمري , يقوم على أساس إسقاط المبادرة و الالتفاف عليها خلال الثلاثين يوما , إلا ان حادث النهدين أجهض المخطط التآمري و اسقط معه صالح , وثبتت المبادرة , وهذا لا يعني ان الحادث كان يستهدف هذه النتيجة , لكنها كانت واحدة من أثاره المتعددة فلم يتضرر نظام صالح وحده من نتائج الحادث , بل شمل الضرر كافة الإطراف بما في ذلك الثورة ,
وفي ضوء ما سبق يمكن صياغة المعادلة التالية , في ظل عجز صالح عن إسقاط المبادرة وفق الاتفاق السعودي فان المبادرة بصيغتها تلك غير مقبولة سعوديا , هذا يقودنا إلى استنتاج أخر ان الموقف السعودي مع الشراكة وفق السيناريو الأول وليس مع المبادرة , لكن ذلك لا يعني الإقدام على سحب المبادرة , بل وضعها في مربع الاحتياط العام على قاعدة" إذا لم يكن ما تريد فارد ما يكون ", لان المبادرة تمثل الحد الأدنى للمصالح السعودية , وهي بذلك لا تزال مرفوضة من قبل شباب الثورة لما توفره من حماية لصالح ونظامه , وعليه يمكن رسم خطوط التعامل مع السيناريو الثاني على النحو التالي:
- في حال فشل صالح والسعودية في فرض السيناريو الأول وهذا الفشل مؤكد ,فأنهم سيتجهون إلى تعديل بنود المبادرة مجددا
- يشتمل التعديل على إبقاء صالح حتى نهاية الفترة الرئاسية الى 2013م ويصبح رئيسا رمزيا قابعا في مشفي الرياض العسكري , وهذا التعديل لا يخلو من روائح التأمر المستقبلي و يجدر الإشارة هنا إلى ان إبقاء الأبناء والأقرباء غير وارد في هذا السيناريو فإذا اشتمل المشروع على إبقائهم فان ذلك يعني الانتقال التلقائي إلى السيناريو الأول ( التوريث المتدرج ) من خلال المبادرة ذاتها , ومن خلال أيضا عملية المزاوجة بين المبادرة الخليجية و مقترحات المستشار السياسي للأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمرو الذي يدعم الشركة دون إدراك لمعنى الشراكة التي يريدها صالح والسعودية
-المعارضة بكل مكوناتها بما في ذلك شباب الثورة لن يقبلوا مطلقا أي صيغة تستبقي جنرالات صالح في مواقعهم , وهذا الموقف سيدفع في الأمور إلى واحد من اتجاهين لا ثلاث لهما , إما عدول صالح والسعودية عن استبقاء أبناء وأقرباء الرئيس في مواقعهم وتنفيذ المبادرة بالصيغة التي تم التوقيع عليها و إما الدفع في اتجاه المواجهة العسكرية , أي نحو السيناريو الثالث ( سيناريو نيرون )

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق