الاثنين، يونيو 20، 2011

ربيع الثورات في مواجهة شتاء الأنظمة


يوميات الثورة اليمنية /كتب صادق العامري
بعد ثورتي تونس ومصر  كتبت الصحف وتحدثت قنوات التلفزة , عن ربيع الثورات العربية , وكان للإعلام الغربي نصب في ذلك , هذا الحديث عن الربيع العربي القادم , بعث برسائله الى الشتاء الأنظمة القارص , فلشتاء الأنظمة أيضا أحاديث وأفكار وخطط لصد موجة ربيع الشعوب القا...دم , سمع الجميع أحاديث الربيع , لكن أفكار وخطط شتاء الأنظمة ظلت طي الكتمان إلا ما ندر منها وسنحاول هنا ان نقف على بعض مما قررته وعزمت عليه أنظمة الاستبداد في الوطن العربي وتأثيراته على مسار الثورات  وسأحاول إيجاز ذلك في الأتي : -         عقب الثورة المصرية استفاقة الأنظمة على عصر جديد لا بشر لهم فيه , فبادرت بالاتصال تعاتب الإدارة الأمريكية على موقفها من مبارك , وتبرر وتقدم الحيثيات لتؤكد ان الثورات فوضي لا استقرار بعدها  ولا امن ولا مصالح ,فأسفرت تلك الضغوط الناعمة عن تراجع أمريكي ملحوظ  , أدرك الأمريكان وحلفائهم طبيعة المخاوف التي تنتاب الأنظمة العربية . فبثوا في نفوسهم   الطمأنينة , فتغيرت السياسة الأمريكية تجاه الثورات القادمة واتسمت بــ( الدعوة الى الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي – الوقوف في المنطقة الرمادية – استخدام لغة غامضة وفضفاضة لا تشجع الشعوب على إسقاط الأنظمة – ممارسة الضغط الناعم لإظهار مصداقية منزوعة التأثير )  كما ان هذه السياسية تختلف باختلاف علاقة النظام بأمريكا وحلفائها , وبذلك حصلت الأنظمة الموالية لأمريكا على الضوء الأخضر في قمع الثورات , فيما ومضات الضوء الأحمر لا يتوقف في وجه الأنظمة الأخرى .  -    بدأت الأنظمة  بوضع البرامج والترتيبات لمواجهة عدوى "ثورة الياسمين" فكانت تلك الترتيبات مختلفة بحسب اختلاف طبيعة وعقلية الأنظمة ويمكن رصدها على النحو التاليمحاولة الاسترضاء بالمنح والإكراميات  من حين لأخر كلما تململ الشارع قبل ان يثور ( دول الخليج نموذجا)  الإعلان عن إصلاحات وتضخمها إعلاميا , إلا ان تلك الإصلاحات شكلية ولا تعبر عن رؤية واضحة وفي ظل غياب جدية ومصداقية على ارض الواقع  ولا تعتمد على خارطة طريق مجدولة ( الأردن , المغرب , الجزائر) -     إما الدول التي انطلقت فيها ثورات شعبية  فان الأنظمة  ستعمل او عملت علىاستخدام أدوات القمع والترهيب ومحاولة تركيع الشعوب وإلجامها بكل وسائل وأساليب العنف (قتل وجرح – اعتقال وإخفاء – تدمير وتخريب ... ) وشراء ما يلزم من عتاد ومعدات وأدوات قمع وأسلحة مكافحة الشغب من مسيلات الدموع الى الغازات ومواد محرقة وهلم جررفض التسليم والتصلب والمراوغة ومحاولة توظيف عامل الزمن وعدم السماح بالسقوط السريع  مهم كلف ذلكإرهاق الثورة الشعبية وشن الحروب النفسية واستجلاب خبراء في هذا المجال وتفعيل أجهزة الاستخبارات في بث الإشاعات وحملات الترويج والتضليل العمل على الزج بالثورة في مواجهات مسلحة وإخراجها عن مسارها السلمي بحيث تتشكل بيئة مناسبة للقتل المفرط تحت ساتر المواجهة المسلحةشراء الذمم و تجنيد أرباب السوابق والعصابات وتجار وشبكات الدعارة والمناصرين وأصحاب المصلحة في بقاء النظام , ويتم توجيه هؤلاء جميع في (التخريب من داخل الثورات بزرع الفتن والشقاق واستغلال أي ثغرة للتسلل منها- بث الرعب في الأوساط الشعبية – أداة قمع مساندة)القيم بعمليات ممنهجة لخلق انفلات امني شامل وإنتاج أزمات ضاغطة وهنا يكون النظام قد اسقط من حسابه كل القيم والأخلاق  والأعراف وتحول الى خليط من العصابات بالملابس الرسميةاستخدام الدبلوماسية المرنة والنشطة لتخفيف ردود الفعل الخارجية ولمنع  وحجب أي تصعيد خارجي يصب في صالح الثورة , والتفنن في قلب الحقائق وإخفاءها وخلط الأوراق و إعداد المبررات والحجج وتسويقها عبر الدبلوماسية و أمام هذا الاستعداد والترصد للثورات وفي  كافة الأصعدة والتصلب والنوايا المسبقة بعدم التسليم والرضوخ لإرادة الشعوب  وأحيانا يحظى ذلك  بدعم خفي من قوى دولية , و أمام  هذه الجاهزية  فان الثورات مطالبة بجاهزية تواكب المتغيرات والتحديات والعوائق وهذا أمر يتطلب عمل نضالي في عدة  جبهات ( ثوري – سياسي – إعلامي) تعمل جميعها في انسجام وتضافر لا تضاد فيه ولا تناقض * فالمسار الثوري:  يقوم بالفعاليات الجماهيرية المتواصلة والمتصاعدة والمتنوعة والسياسي : يتصدى للدبلوماسية وخطابها – يقوم بعمليات الاتصال والاستقطاب النوعي للقيادات المجتمعية والسياسية داخل منظومة النظام وخارجها – يتواصل مع المنظمات الحقوقية والإنسانية , ويعمل على تشكيل ضغط سياسي على النظام الإعلامي : يغطي ويوثق ويضخ المواد الإعلامية لكل وسائل الإعلام المختلفة باستخدام مختلف الوسائل  والوسائط الإعلامية , بما يؤدي الى تكوين رأي عام داخلي وخارجي مساند للثورة   *** منهجية العمل ويتم ذلك كله في إطار منهجية واضحة تقوم على أساس إدراك  طبيعة النظام وعوامل قوته وضعفه , بعيدا عن النقل الحرفي لتجارب أخرى,  قد لا  تتوافق مع الواقع ومعطياته, ولذلك ينبغي اعتماد منهجية " التفكيك" و منهجية "الصدمة" والأولى سياسية والثانية ثورية والجمع بين المنهجيتين يعتمد على النفس الطويل , فمنهجية الصدمة تمثل الرافعة للفعل السياسي الذي يتولى عملية التفكيك , وتستمر عملية النحت من جسم النظام حتى يصل إلى مرحلة الإرهاق وبعدها الإعاقة وفقدان القدرة على السيطرة والتحكم , وفي هذه اللحظة لن يكون بمقدور أي جهة ان تنقذ النظام,  إذ يصبح عاجز عن الاستفادة من اى دعم او إسناد, وهنا يمكن ان نقول "سقط النظام" لكنه لم ينتهي بعد لان النظام نمط حياة متكامل وشبكة متراكمة تشتمل على ( ما هو ثقافي وقانوني وفكري وقيمي وأعراف وعادات وأنماط متعددة) فالنظام خلال سنوات حكمه عمل على إعادة صياغة أنماط الحياة  بما ينسجم مع عقليته السياسية والتطبيقية في مختلف المجالات ولذلك يمكن القول ان أمام أي ثورة ثلاثة مهام رئيسية لا بد من انجازها بالتوالي وهي: الأولى : إسقاط النظام و رموزه الثانية : إزاحة موروث النظام السابق وإعادة صياغة مكونات  الحياة وأنماطها وعلى رأسها ( دستور يلبي تطلعات الشعب - نظام انتخابي عادل يعكس الإرادة الشعبية - الاستقلال القضائي –  ضمان حيادية الجيش والأمن كمؤسسة وطنية) (ونحن اليمنيين في هذة المرحلة من ثورتنا فنحن اليوم نواجه بقايا النظام وموروثه الثقيل  ) الثالثة : حماية النظام الجديد حتى يتجذر و يصبح بثبات راسخ كرسوخ الجبال فالثورات غالبا  يتم الالتفاف عليها عندما يغفل الثوار عن المهمة الثالثة حيث يدب الفتور والاطمئنان فإذا تم انجاز المهمة الثالثة   عندها يمكن القول انتصرت الثورة , انتصرت الثورة. ومن المهم ان يدرك الثوار ان لكل  مهمة زمان تستهلكه هو مداها الطبيعي  قد يطول او يقصر بحسب همة الثوار وتوحد نظرتهم للمستقبل ورباطة جأشهم وقدرتهم على الاستمرار وإعادة ترتيب صفوفهم بما يناسب كل المهام الوطنية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق