الخميس، نوفمبر 03، 2011

د. بكيل الزنداني: الثورة اليمنية سوف تنجح مهما طال الوقت.

يوميات الثورة –الاسلام اليوم- حوار/ أحمد عبد العزيز.
-       اليمن يقترب من الحرب الأهلية والحل في توقيع المبادرة الخليجية
-       الحاشية المنتفعة حول صالح هي التي تجعله يتردد في التوقيع على المبادرة
-       القوى الدولية والإقليمية ليست جادة في دعمها للثورة اليمنية
-       نرفض أي تدخل عسكري وسنحافظ على سلمية الثورة رغم استفزاز النظام
 الدكتور بكيل أحمد الزنداني، أستاذ العلوم السياسية بجماعة صنعاء والناشط السياسي وعضو لجان التنسيق للثورة اليمنية واحد من أسرة الزنداني العريقة باليمن، والمعروفة بمواقفها الوطنية، فعمه الشيخ عبد المجيد الزنداني رئيس جامعة الإمام، ورئيس هيئة علماء اليمن، وعضو التجمع اليمني للإصلاح، وابن عمه د. منصور الزنداني، عضو مجلس النواب اليمني، والأستاذ بجامعة صنعاء، وكلهم من الداعمين والمشاركين في الثورة اليمنية، والرجل رغم اعتزازه بانتمائه لأسرة الزنداني، إلا أنه له بصماته وإسهاماته الخاصة نحو رسالته التي تقدم بها لإحدى الجامعات الأمريكية عام 2009، وتنبأ فيها بثورات الربيع العربي، خاصة مصر واليمن، كما أنه أستاذ بجامعة صنعاء، وأحد الداعمين بشدة للثورة اليمنية.
"الإسلام اليوم" أجرى معه هذا الحوار للوقوف على أحوال الثورة والثوار في اليمن، وكذلك رؤيته لثورات الربيع العربي في كل من مصر وتونس وليبيا وسوريا.. وإلى تفاصيل الحوار:
كيف ترى المشهد اليمني الحالي؟
المشهد اليمني معقد للغاية، وبحاجة إلى حلول سريعة وفاعلة، لانتشال اليمن من الانهيار وشبح الحرب الأهلية، حيث إن المؤشرات تقول أن هناك خسائر اقتصادية بالمليارات، والتجارة اليمنية مع باقي دول العالم تكاد تكون مشلولة، وهناك شواهد كثيرة لانتشار الفقر، حيث يتم الاعتماد على المساعدات الخارجية من دول مثل السعودية وقطر والإمارات، في الوقت الذي أوقفت فيه المنظمات الأوربية والغربية مساعدتها كعقوبة للنظام، فضلًا عن هروب الكثير من الاستثمارات من اليمن، كل هذا بالإضافة إلى المشهد السياسي المعقد , وانتشار الجريمة، واقتراب اليمن من حالة الانهيار، وتكرار النموذج الصومالي، وبالتالي لابد من تحرك جاد وسريع لإيجاد حل للخروج من هذا الواقع الصعب، لأن انهيار اليمن ودخوله في حرب سوف يهدد دول الجوار والمنطقة العربية، بل والمجتمع الدولي.
برأيك من المسئول عما وصل إليه المشهد اليمني؟
هناك مسئولية جماعية يتحملها النخبة السياسية والعسكرية في البلاد، وكذلك هناك قوى إقليمية ودولية تتحمل المسئولية أيضًا، ويجب أن يتكاتف الجميع، سواء في الداخل أو الخارج، للخروج مما نحن فيه.
لم تشر إلى رأس السلطة فيما وصلت إليه الحالة في اليمن، رغم الاتهامات المباشرة لتيئيس على عبد الله صالح من جانب معارضيه؟
هذا شيء طبيعي أن رأس السلطة في أي دولة، سواء كان ديمقراطيًا أو استبداديًا، يتحمل مسئولياته في البلاد، وبالتالي لا جدال حول تحمل الرئيس علي عبد الله صالح المسئولية، وكنت أقصد بالمسئولية الجماعية، أي ممن شاركوا مع الرئيس اليمني فيما وصلت إليه الأمور، وعمومًا يبقى الحل في يد الرئيس بتوقيعه على المبادرة الخليجية.
ولماذا لم يتخذ الرئيس علي عبد الله صالح هذا القرار؟
هناك أشياء كثيرة تجعل النظام يمتنع عن التوقيع؛ أولها الفساد الذي تجذر في اليمن وفي المؤسسة الحاكمة، وهناك منتفعون حول الرئيس ومستفيدون من الوضع الحالي، ولديهم شبكة مصالح ومشروعات اقتصادية، كل هذا سوف يتأثر بشكل أو بآخر في حال توقيع المبادرة والوصول إلى حل سياسي مُرضٍ، بمقتضاه يسلم الرئيس السلطة، وهنا سيفقد هؤلاء نفوذهم، وبالتالي يمارسون الضغط لآخر لحظة في سبيل منع التحول الديمقراطي وخروج الرئيس من السلطة، وهذا معناه عمليًا تحويل هؤلاء للمحاكمات أو على تقدير فقدانهم للامتيازات التي يتمتعون بها، ومن هنا تمارس كافة الضغوط من جانب المحيطين بالرئيس لمنعه من التوقيع.
هل هذا معناه أن القرار لم يعد بيد الرئيس وحده؟
ليس هذا بالضبط، ولكن المطلوب هو الجرأة في اتخاذ القرار، والتوقيع على المبادرة، لكن الحادث هو نوع من التردد، للأسباب التي أشرت إليها، وهناك محاولات لاستنساخ النظام الحالي، ولكن بشكل جديد، بحيث يكون هناك نوع من الإيهام بأنه حدث تغيير، وهذا لن ينطليَ على الشعب اليمني ولا على الثوار.
وماذا عن المشهد على الجانب الآخر، حيث الثورة والثوار؟
بالنسبة للجانب الآخر والمتمثل في الثوار فليس لديهم سوى خيار واحد، وهو نجاح الثورة وتسليم السلطة، ولن يكون هناك تراجع عن هذه الثورة مهما قدمت من تضحيات، وهو ما يجب على الجميع أن يفهمه، سواء الرئيس علي صالح أو دول الجوار أو المجتمع الدولي، وأن يستجيبوا لرغبة الشعب بالتحول السلمي وتسليم السلطة.
برأيك، لماذا لم يتم التعامل بجدية من جانب المجتمع الدولي مع الثورة اليمنية مثلما هو الحال مع الثورة الليبية؟
ما يحرك المجتمع الدولي في النهاية هو المصالح، فكل دولة تلعب على مصالحها، فالغرب لا يزال له مصالح مع الرئيس اليمني، وغيره, الشيء الآخر أن اليمن ليس لديه الثروة التي لدى ليبيا، وهو بلد فقير وليس به ثروات تروي ظمأ هذه الدول، وهذه الدول تحاول ممارسة الضغوط السياسية غير الكافية من وجهة نظرنا، وهذا يتردد كثيرًا في أي عمل عسكري، وهو ما نرفضه أيضًا، ولكن هناك ضغوط أكثر وجدية أكثر إذا أراد هؤلاء، ولكن لكل دولة حساباتها.
ولكن في حالة اليمن ربما يكون تغليب السياسي على الاقتصادي هو الأهم، نظرًا لأهمية الموقع والتأثير..
في حالة اليمن يجب أن يغلب السياسي على الاقتصادي بالعقل، وأن تدرك القوى الدولية والإقليمية هذا، وليس بالضرورة أن يعمل المعيار الاقتصادي والمصالح الاقتصادية مع أزمة اليمن، ولكن يجب التعامل السياسي، وعلى هذا بدأت بوادره في قرار مجلس الأمن رقم 2014، والذي طالب بتسليم السلطة وتنحي علي صالح.
وما هو الحل الأمثل من وجهة نظركم للخروج من هذه الأزمة؟
الحل الأمثل هو توقيع علي صالح على المبادرة الخليجية، ويحل نائبه محله كمرحلة انتقالية، ثم تجرى انتخابات ديمقراطية وشفافة، ويتم الاحتكام إلى الصندوق الانتخابي، أما ما دون ذلك فسوف يقود اليمن إلى حافة الانهيار.
هل إذا تأزمت الأمور من الممكن أن يلجأ الثوار إلى العنف أو التهديد به على الأقل؟
نحن كثوار ضد العنف سوف نحافظ على سلمية الثورة، مهما حدث من استفزازات، وهناك من يريد أن يأخذ الشعب إلى العنف، وتحديدًا شباب الثورة، ولكن ما زال الإصرار على سلمية الثورة، وإن كنا ندين كل محاولات العنف والاعتداء على الثوار وقتل المواطنين الأبرياء من جانب أجهزة أمن صالح والبلاطجة.
ومن المسئول عن أحداث العنف الأخيرة والتي راح ضحيتها العشرات مؤخرًا؟
هناك العسكريون المنتمون للنظام، والذين يحاولون تأجيج الفتنة، ونشر العنف، والاعتداء على المؤسسات، ونشر الخوف والهلع.
وهل دور آل الأحمر في العنف أم في حماية الثورة؟
في رأيي الشخصي أرى موقف اللواء محسن الأحمر تحديدًا موقف وطني وإيجابي، وساهم في حماية الثورة، وضحى بمنصبه ومكاسبه في السلطة، وانحاز إلى الثورة والثوار , وإن كنت لا أرغب في شخصنة الثورة، ونسبتها إلى شخص بعينه، بل لابد من ضرورة استمرار شعبيته، فاليمن ملك للشعب وليس لشخص.
وهل ستحافظ الثورة والثوار على طول النفس والثبات حتى النجاح وتحقيق أهداف الثورة في ظل الضغوط عليها وطول الوقت؟
إن الثورة ستظل على ثباتها وجهادها مهما طالت الأيام وكثرت الضغوط عليها، فما زال أمام الثوار باليمن الكثير الذي يقدمونه لبلدهم ولشعبهم في إطار من الحكمة والصبر، ودليل ذلك الحشود بساحة التغيير يوميًّا من 17 محافظة يمنية، الأمر الذي يعكس إصرار الشعب على نجاح ثورته، وسوف يكون النجاح حليفهم، لأنه كما قلت: إرادة الشعوب من إرادة الله.
ننتقل إلى ثورات الربيع العربي.. كيف ترى الثورة المصرية؟
كانت نموذجًا رائعًا، ليس لليمن فقط، ولكن لكل دول المنطقة العربية، لما تمثله مصر من مكانة وقيمة وتأثير في العالم العربي الذي ينظر إليها بإعجاب شديد. الشيء الآخر ذلك الدور الذي قام به الجيش المصري، ولست قلقًا على الثورة المصرية، والقادم هو الأفضل، لأنه لم يعد هناك خوف أو قهر، والشعب عرف طريقه جيدًا، وعرف ميدان التحرير، وبالتالي لا تراجع عن مكاسب الثورة واستحقاقاتها.
وماذا عن تونس؟
ما قلته بالنسبة لمصر ينطبق على تونس تمامًا، خاصة أن تونس كانت هي الدولة العربية التي أطلقت الشرارة الأولى في ثورات الربيع العربي، الشيء الآخر أنها تقدمت خطوة للأمام من خلال الانتخابات الأخيرة، والتي أشاد بشفافيتها ونزاهتها الجميع.
وهل الوضع في سوريا يختلف عن مصر وتونس؟
بالتأكيد الوضع مختلف، لأن الثورة السورية ما زالت في مرحلة المخاض، ولم تصل إلى مرحلة الحسم، وإذا لم يتم هذا الحسم قريبًا فأتوقع تدخلًا عسكريًا على غرار ما حدث بليبيا، وتسليم السلطة للشعب، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، ليختار الشعب من يحكمه.
وكيف ترى ليبيا بعد رحيل القذافي وحسم الأمر لصالح الثوار؟
بالتأكيد نبارك ونهنئ الشعب الليبي بثورته التي دفع فيها ثمنًا غاليًا، لكن أرى أن أولويات هذه المرحلة بالنسبة للثوار والشعب الليبي هي المصالحة الوطنية، وعدم تصفية أية حسابات، خاصة بعد رحيل القذافي ونظامه، وإذا كان هناك أي مشاكل يجب اللجوء للقضاء، والمحافظة على حقوق الإنسان، وبداية مرحلة جديدة.
على ذكر ثورات الربيع العربي، نعرف أن لك رسالة دكتوراه تنبأت فيها بهذه الثورات.. ماذا عن هذه الرسالة؟
رسالة الدكتوراه قدمتها لإحدى الجامعات الأمريكية عام 2009، وكانت بعنوان: "مبادئ بوش والحرب على الإرهاب والتشجيع على الديمقراطية.. في حالتي مصر واليمن".
وقمت بجمع بيانات، وتابعت الحركات الاجتماعية في البلدين، ومن خلال رصدي لهذه الاجتماعات خلصت إلى نبوءة بقيام ثورات شعبية في البلدين، بل وفي المنطقة، وأشرت إلى أنه إذا كان هناك أي دعم غربي للديمقراطية بالمنطقة يجب ألا يكون موظفًا لصالح دولة ما، ولكن يجب أن يراعي خصوصية شعوب المنطقة. وما لاحظته أيضًا هو عدم جدية أمريكا في دعم الديمقراطية بمصر واليمن، والدليل على ذلك هو الإنفاق الكبير على الجوانب الأمنية والدعم العسكري للبلدين، والذي كان بالمليارات، على حساب دعم المجتمع المدني.
لكن هناك من يقول: ما حدث من ثورات الربيع العربي هو مؤامرة على دول المنطقة..
هذا ليس بصحيح على الإطلاق، والدليل الواضح هنا هو الإطاحة بنظام مبارك في مصر، والذي وُصف بالكنز الاستراتجي من جانب دولة الكيان الصهيوني، وأنه كان يمثل قوة وسندًا ومحطة مهمة لأمريكا في المنطقة، فكيف يُعقل أن يتم إزالة هذا النظام، والسماح بثورة عليه، يصعب الذهاب إلى مثل هذا، ولكن ما حدث أن أمريكا والغرب وجدوا أنفسهم في مواجهة، وفي موقف مفاجئ أربك حساباتهم، فأعلنوا عدم دعمهم لهذه الأنظمة، بل وحاولوا مقابلة هذه الثورات في منتصف الطريق، بل ومساعدتهم، كما حدث في ليبيا وسوريا؛ حتى لا تنقلب عليهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق