الأحد، نوفمبر 27، 2011

رسالة إلى الثوار فى كل الساحات اليمنية

يوميات الثورة /بقلم-محمد سيف عبدالله 
ايها الثوار الاحرار لقد حققتم  أهم هدف للثورة الذى توجته القوى السياسية بحوارها والذى  لم تستطع كل النخب تحقيقه قبل الثورة وإنما حضَّرت له ،  ان على كلى الثوار ان يعلموا. إن الله اسند التغيير السياسي والأمني والتعليمي والتربوي والاقتصادي والتشريعي إلى الأمة بأفرادها وأسرِها وجماعتها وقبائلها وأحزابها ، ولم يسند مهمة التغيير والتطوير إلى سلالة أو طائفة أو قبيلة أو حزب معين ، وإنما تخصصات الأفراد تحد د الفروض العينية كفروض كفاية في التغيير والتطوير والمسئولية جماعية . وان على كلى الثوار ان يعلموا با ن الله
لم يسند  التغيير إليه  ابتداءاً وإنما الإعانة والتوفيق تكريماً وتقديرا لعقولنا وتمكيناُ لحريتنا . وهذا ما أخبرنا الله به جلياً بيناً ؛ ففي الآية : { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ (الرعد : 11 )، وفي الآية : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ (الأنفال : 53 ) وفي سورة الليل : { فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فسنيسره لليسرى } ، وفي العنكبوت : { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (: 69 ) .
هاأنتم أيها الثوار والثائرات حسمتم أمركم بقرار الثورة التغيرية الشاملة بإسقاط نظام صالح ، وإعداد الدولة المدنية ، وقد تحقق من الهدف الأول التنحي وبقي المحاكمة للقتلة والسفاحين وإزاحة جسد نظام الفساد وممارساته.
كما أن الله اسند التغيير للأمة فإنه أخبرنا بأن التغيير لا يتم إلا عبر سنين ثابتة مطردة ومحايدة لا دخل لها بدين الإنسان ولا بانتمائه ولا بسلالته ، وإنما مرتبطة بالأسباب فمن أخذ بالأسباب نجح وانتصر , وعلى سبيل المثال :
سنة الله في الفساد إذا تركت الأمة شؤونها لفرد حاكم ولم تراقبه وتحاسبه ، سَيُفسِد لا محالة ففي الآية : { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (الروم : 41 ).
وروى الطبراني وغيره وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم [ 2812] عن عابس الغفاري قال صلى الله عليه وسلم : { بادروا بالأعمال ستاً : إمارة السفهاء ، وكثرة الشُرط ، وبيع الحكم ، واستخفاف بالدم ، وقطيعة الرحم ، واتخاذ القرآن مزامير } .
وسنة الله في التنافس للإصلاح ومنع التفرد في الحكم بأي مسمى ، ففي الآية : { وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (البقرة : 251 ) .
وسنة في التداول عموما ، وفي تداول السلطة بالطرق السلمية وغيرها  كحتمية للتغيير خصوصاً ، ففي الآية : { إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (آل عمران : 140 ).
وسنة الله في التحول من مرحلة إلى أخرى بحسب متطلبات العصر المستمرة ، وقد أقسم الله على هذه السنة في سورة الانشقاق فقال  : { فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَقٍ (19) } .
وها أنتم أيها الثوار والثائرات تمارسون ثورة التطبيق لسنن الله التغيرية والتحويلية التدافعية عملياً ، وغيرتم موازين القوى لصالح الشعب اليمني بعد أن جمَّد هذه السنن نظام صالح المستبد ، وأخلَّ بتوازن القوى لصالح أسرته .
أيها الثائرون الأحرار والثائرات الحرائر إنكم بصمودكم أكثر من عشرة أشهر حققتم أكبر هدف للشعب اليمني وهو التخلص من ثقافة الاستبداد نظريا ً وعمليا ً بنزع الخوف من قلوب اليمنيين ، وزلزلة عرش الطاغية ، وإرغامه على الرحيل ، كخطوة أولى على طريق ترحيل نظام الاستبداد .
إن ثورتكم الشبابية الشعبية السلمية جاءت لتعيد للفرد اليمني حريته ومكانته التي جاء بها الإسلام ، وترسخت عند المسلمين الأوائل ، واقترنت بمفهوم العبادة المطلقة لله سبحانه وتعالى ؛ ذلك أن معنى أن نكون عبيد الله هو أن نكون أحرارا ً إزاء غيره سبحانه ، سواء كان هذا الغير حاكما أو غير حاكما ً , ولهذا كان شرط الانتماء والدخول في الإسلام هو التحرر والتخلص من موروثات الاستبداد بكلمة الحرية : ( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ) .
لقد رسَّخ الإسلام في أذهان المسلمين أن الناس يولدون أحراراً ، وأن هذه الحرية صفة تكوينية طبيعية في الإنسان ، وليست منحة مكتسبة بفعل قانون وضعي أو منحة من حاكم .
إن أبينا آدم لم يُخلق  عبداً ، وأمنا حواء لم تُخلق أمة ، وإنما خلقا حران ، وأكرمهما الله بالعقل والحرية والتشريع ، وأمر الملائكة بالسجود تكريما للإنسان إلا الأناني المستبد إبليس قال : أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (صـ : 76 ) ، وأتباع إبليس هم أساس الظلم والجور والاستبداد بسبب الفردية والانانية والاقصائة. ان على كلى الثوار ان يعلموا انهم يز يحون بذور الاستبداد التى تجذرت عبر تا ريخ
 تاريخ المسلين ، وأسباب الصراعات المختلفة ، وتقسم المسلمين فِرقاً وطوائف بسبب الحكم الوراثي الأسري الذي أدى إلى مصادرة حرية المسلمين والشورى والعدالة والمساواة ، وعطل الحديث والتنظير بشؤون المسلمين السياسية ، وأحرم المسلمين من الإبداع في إيجاد الآليات السياسية لتحويل الشورى وما  مارسه الخلفاء الأربعة إلى حلول عملية ، وجاء غيرنا من شعوب العالم وهم الأوروبيون وثاروا ضد الاستبداد الكنسي والأسري في الحكم وأجابوا على أسئلة الحكم وأهمها :
كيف يصل الحاكم إلى الحكم ؟
وممن يستمد شرعية حكمه ؟
وكم مدة حكمه ؟
وما هي حدود سلطاته ؟
وكيف يُراقب ويُحاسب في إطار مؤسسات الحكم ؟
ومن يصنع القرار ؟ وما دوره في القرار ؟  ..............   إلى آخر أسئلة الحكم .
لقد توصلوا إلى ممارسة التدافع السياسي السلمي لتداول السلطة بدون إراقة الدماء ، وها هي الثورات العربية قامت لتعيد المنهجية النبوية بعد أن عطلها الحكم العضوض والجبري ، ورسخا التخلف والجهل والمرض والانقسام .
إن الأمة العربية عموماً واليمن خصوصاً تعيش لحظة التحول التاريخي ، والتداول والاستبدال الثوري الشعبي السلمي ، لنظام تحجر وتجمد وتعفن رجاله بالأنانية والظلم والإفساد ، فكان لابد من الاستبدال السلمي أو الثوري ، استبدال المفسدين بالمصلحين ، تحقيقاً لقوله تعالى : {  وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (محمد : 38 ).
إننا نعيش لحظة تاريخية فاصلة في يمننا الحبيب ، وهي لحظة ترحيل رأس النظام ، وبقى على الثوار أن يُرحِّلوا جسم النظام الناهب لثروة الأمة والمعطل لمقدراتها والمحتكر لقرارها والممزِق لكيانها , والمستخدم للدين والقبيلة والطائفة والجهوية وسائل للاقتتال وإضعافها ، ومحولاً مؤسسات الدولة الإرادية لمن يدفع مالا أكثر لقادة نظام صالح . ايها الثوار الاحرار
إن ثورتكم لم تقم ضد أشخاص ، وإنما ضد نظام لم يرعَ في اليمنيين إلا ولا ذمة ، وضد سياسات فاسدة ومفسدة وثورتكم قامت لتستبدل دولة الأشخاص بدولة المؤسسات ، دولة النظام والقانون القائمة على دستور يُعد في المرحلة الانتقالية ليمثل حاضر الأمة بكل مكوناتها ويمثل مستقبل الأمة بطموحها ، قال تعالى : { وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (التوبة : 105 )
ايها الثوار الاحرار ان عليكم ان تدركوا الأمور التالية
اولا : إن الثورة ـ أية ثورة ـ لا بد لها من مسار سياسي يعمل على تحقيق أهداف الثورة بأقل الخسائر والثورة السياسية الموازية,قد حققت جزءا من هدف الثورة الأول وهو إزاحة رأس النظام ، وهي بداية مضيئة في ثورتكم التي أجبرت صالحاً مُكرهاً على التوقيع بسبب ئيصالكم صوت الثورة الى العالم ، ومهمتكم الثورية بعد توقيع صالح الاتفاقية على تسليم السلطة بواسطة الية بن عمر مواصلة إسقاط بقايا النظام .والمطالبة بمحاكمة القتلة والسفاحين
الثاني : إن عليكم أن تعلموا أن بقايا النظام سيعمل جاهدا على وضع دسائس وشبهات بهدف التصوير أن العمل السياسي ضد العمل الثوري وبهدف شق صف الشباب ، وإضعاف الثورة ، وهذا يؤكد أهمية تلاحمكم ، وأهمية التصعيد الثوري ؛ فإنه لولا صمودكم الأسطوري وسلميتكم المذهلة لما ضغط المجتمع الدولي على رأس النظام بالتوقيع على تسليم السلطة .
الثالث : إن دماء الشهداء والمعاقين والجرحى ، ودموع اليتامى والأرامل لن يرضيها إلا عدالة السماء والقصاص من القتلة والقناصين ، وكل ما حرَّض على قتل الثوار ومؤيديهم ، والمطالبة بتعويضهم ، والمطالبة بعمل قانون خاص بالشهداء والمعاقين في نظام الثورة الجديد .
الرابع : إن الثوار قد تدفعهم حالة الظلم والقهر وسفك الدماء إلى التفكير بالإنتقام ، ونسيان الهدف الأساسي من الثورة ؛ لأن الثوار يريدون أن يروا الظالم الآمر بالقتل وفوق رأسه سيف العدالة مسلط ، ونحن على يقين لا يتزعزع بأن عدالة السماء لن يفلت منها المجرمون والقتلة ، لأنه : { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (المدّثر : 38 ) ، { فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (إبراهيم : 47 ) .
أقول لا ننسى أن حلم ثوار ( 1948م ) وثوار ( 1962م ) وثوار 14 اكتوبر هو الدولة المدنية المؤسسية ، وهاهي ثورتكم الشبابية الشعبية السلمية قامت لتحقيق هذا الهدف ، والتفريط بهذا الهدف خيانة لجهود الثوار سابقا ً ولاحقاً .
النصر للثورة الشبابية الشعبية السلمية والخزي والذل لعباد الشخصانية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق