الثلاثاء، يناير 10، 2012

قصتي مع الحوثي والحراك وعلي محسن

يوميات الثورة /بقلم منير الماوري
رغم أني من عشاق التغيير ومن مؤيدي ثورة التغيير بجنون، إلا أني عندما أخلو إلى نفسي وأتأمل في آرائي ومواقفي خلال أكثر من عشرين سنة مضت، أعاتب نفسي على ثباتي وجمودي في وقت يتغير فيه الجميع من حولي.
 ولكن رغم هذا الثبات أو الجمود إلا أن أكثر التهم التي توجّه لي من الخصوم والمحبين على حد سواء هي أني أتقلب في آرائي السياسية أو أغير مواقفي من الأشخاص والحركات السياسة وفقاً للطقس السائد.
 ومن بين الأدلة التي يعتبرها أصحابها دامغة عندما يشهرون التهمة في وجهي، زعمهم أن موقفي من الحوثيين والحراك الجنوبي وكذلك الفرقة الأولى مدرع وتجمع الإصلاح والشيخ الزنداني وأبناء الشيخ الأحمر وغيرهم قد تغير بين ليلة وضحاها.
وبالطبع فإني أبتسم عندما أسمع مثل هذا الكلام؛ لأني سرعان ما أتذكر أن هؤلاء هم الذين تغيّروا وليست مواقفي هي التي تغيّرت.
وأعتقد أن واجبي الصحفي والوطني يحتم عليّ الترحيب بأي تغيير إيجابي لصالح الغلابى من أمثالي، والتعبير عن الامتعاض من أي تغيّر سلبي أعتبره مضراً بمصلحتي كمواطن وبالمصلحة العامة.. وعلى سبيل المثال لا الحصر:
- كنت ضد الجنرال علي محسن الأحمر عندما كان جزءاً من السلطة، وهو الذي تغير إيجاباً بعد مقتل عشرات الشباب بأيدي قناصة في جمعة (الكرامة)، ولست أنا الذي غيرت موقفي سلباً.
- وكنت أعتبر الشيخ الزنداني من الموالين للسلطة الحاكمة، ولكن الشيخ يحسب له أن هو الذي غيّر موقفه لاحقاً من النظام في حين أن موقفي ظل ثابتاً.
- وكنت ضد أبناء الشيخ الراحل عبدالله الأحمر وضد مواقف الشيخ نفسه، وأفصحت عن ذلك في كثير من كتاباتي، ولكن في ذات الوقت كان موقفي مختلفاً ومؤيداً بقوة لحميد الأحمر بما يتناسب مع مواقفه القوية ضد السلطة منذ عام 2006، وبعد جمعة (الكرامة) امتد موقفي الإيجابي ليشمل الشيخ صادق وبقية إخوانه وأبناء العصيمات ونهم وأرحب وكل القبائل المناهضة للظلم دون استثناء.
وحتى الرئيس علي عبدالله صالح كانت المرة الوحيدة التي أيدته فيها ومدحته بقوة عندما أعلن عزمه التخلي عن السلطة عام 2005، وعندما تراجع عن موقفه عدت إلى موقفي منه فكان هو الذي تغير ولست أنا.
- وأيدت كذلك الحراك الجنوبي السلمي الذي انطلق مطلع 2007 حيث كنت من بين أكثر من نافح ودافع عن الحق والقضية الجنوبية، ولكن عندما تحوّل الأمر إلى بحث عن المناصفة والمقاسمة في مقاعد لصالح النخبة بعيداً عن مصالح الشعب لم أتردد في انتقاد هذا التوجه، وأعربت عن موقفي الثابت المؤيد للمواطنة المتساوية، قائلاً: إني بالقدر الذي أعارض تحويل المواطن من أبناء المحافظات الجنوبية إلى مواطن من الدرجة الثانية فإني ضد تحويل أبناء محافظة تعز - ذات الكثافة السكانية العالية - إلى مواطنين من الدرجة الرابعة. واتهمني البعض بالانقلاب على الحراك الجنوبي الذي كثيراً ما أيدته، ولكن الواقع أن بعض فصائل الحراك هي التي انقلبت على مطالبها، أما أنا كصاحب رأي مستقل فإني قد تجاوزت المصالح الجزئية بالمناصفة إلى مرحلة يندر سماعها من يمني من أبناء المحافظات الشمالية، وهي تأييد مطالبهم الحقوقية، أما المناصفة أو حتى المحاصصة فسوف أظل أعارضها بشدة؛ لأني أنشد المساواة، ولم يتغير موقفي من المساواة أبداً.
 وصحيح أن بعض المواقع الإلكترونية المملوكة لناشطين من أبناء المحافظات الجنوبية نسبت لي عمداً أو جهلاً آراء ومزاعم لم ترد على لساني مطلقاً، وأكسبني ذلك تعاطفاً كبيراً بين قطاع واسع من أبناء الشمال، ولكني لا أشعر بالرضا عندما أجد اصطفافاً مناطقياً من أي نوع، وليس هذا فحسب ولكن مثلما تزعجني النظرات الغاضبة من آراء تنسب إليّ جوراً يزعجني أكثر أن أتلقى تأييداً أو إعجاباً من قطاع آخر من الناس بسبب تلك الآراء التي لم أقلها أصلاً.
وما ينطبق على الحراك ينطبق كذلك على الحوثيين فقد كان الأغرب من كل هذا أن أجد أن هناك من يتهمني بأني انقلبت ضد الحوثيين، وهي تهمة لا تتناسب مع الواقع، رغم الشعبية الكبيرة التي حزتها من قبل قطاع واسع من المناوئين للحوثي، حيث تلقيت مئات الرسائل التي تشيد بهذا التغيير المزعوم. والواقع أني لم أكن يوماً مؤيداً أو راضياً عن شعار الحوثيين، ولكني كنت أؤيد حقهم في الدفاع عن أنفسهم وقضيتهم وكرامتهم، غير أن الحقيقة التي يتجاهلها الحوثيون وخصومهم هي أن الحروب التي شنت ضدهم قد توقفت، وأن تمددهم في حجة والجوف ومحاولاتهم اختراق تعز والحديدة وغيرها أمر لا يمكن أن يحوز على تأييدي.
 وللأسف الشديد فإني أدرك أن تأييدي لهم لن يفيدهم بشيء، ومعارضتي لهم لن توقف توسعهم، ولكن الكلمة هي أمانة في عنق صاحبها، وواجبنا أن ننصر المظلوم للتخلص من الظلم الواقع عليه، وليس تشجيعه أن يتحول إلى ظالم.
 وإذا كنت قد ظلمتهم بكلامي فإن الأمر عائد بالدرجة الأولى إلى الأخبار والمعلومات المستقاة من المواقع اليمنية، وهذه المواقع الإخبارية قد تكون غير دقيقة أو ضعيفة المصداقية، ولكن من المستبعد أن تكون كلها مختلقة، كما أن الإيجابية من الحوثي والحراك تنحصر في هدف مشترك هو التحرر من الطغيان وماعدا ذلك فإن لي رأيي المستقل الثابت الذي لا يستطيع أن يشتريه الحوثي ولا الحراك ولا الإدارة الأمريكية ولا أي مجلس وطني أو غير وطني، فهو رأي لا يتغير ولا يباع بل يقدم مجاناً لصالح المحرومين في عدن وصعدة ومأرب والجوف وفي كل ساحات الوطن المكلوم وعلى رأسها ساحات الحرية والتغيير.
وللحديث بقية..


منقول عن صحيفة الجمهورية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق