الثلاثاء، يناير 10، 2012

نظرية الحكم والسياسة بين السنة والشيعة ورجال الكنيسة

يوميات الثورة /كتب الباحث - يحي محمد الهمداني
الرؤيا لدى بعض الإسلاميين  للحكم والسياسة تتصف بالغموض والضبابية قد يكون من الأسباب التي ادة إلى هذه الضبابية وجود لبس وخلط في فهم الآيات التي ورد فيها لفظ (الحكم )في القران الكريم حيث فهمت انها تشير الى الى نظرية الحكم والسياسة معتمدين في هذا الفهم على ما ذكره المفكر الإسلامي سيد قطب رحمة الله عليه في تفسير هذه الآيات تحت مفهوم (الحاكمية لله) فقد ذكر سيد قطب في تفسير قول الله عز وجل ( ان الحكم الا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه) إن الحكم من خصائص الالؤلوهية فمن ادعى الحق فيها فهو ينازع الله في إلوهيته ( 1) تفسير الظلال وهو خلط بين الحاكمية كمرجعية وتشريع وبين الحكم والسياسة كممارسة وتطبيق .والفهم الذي اشير اليه يسوق للحكام ويعقد في قولبوهم انهم ظل الله وسلطانه في ارضه ولهم حق التصرف في الملك والسلطان والثروة والإنسان دون حساب أو مساءلة من احد يمارسون الاستبداد والاستعباد والقتل في شعوبهم وأوطانهم بابشع صوره  بل فاق ما تقوم به إسرائيل في فلسطين  لمجرد ان الشعوب أرادة ان تسترد حقها المسلوب في اختيار الحاكم ومحاسبته و عزله وللأسف يأتي من يشرعن للحكام هذا الإجرام باسم طاعة الحاكم وعدم الخروج عليه . ان الصفة المميزة للتاريخ  السياسي والوقت الحاضر لحكام المسلمين هو التقاتل على السلطة ولم يكن ذلك في مرضاة الله  بل الصراع على حطام الدنيا وقد مثل الحكام فيه القشرة العفنة (( 2) الاستبداد السياسي الغزالي ) وهذا الفهم الذي جعل  الحكام أربابا من دون الله هو في حقيقة الامر ارتماء في أحظان نظرية الحق الإلهي في الحكم ( السلطة الدينية الثيقراطية) الذي مارسه رجال الدين المسيحي في اروبا فعاشت أوربا بسببه في ضلال وظلام .
وهو ما قالت به الشيعة الاثنى عشرية التي نصت على ان الحكم والسياسة ركن من أركان الإسلام واصل من أصول الشريعة  ويعتقدون في أئمتهم العصمة والقداسة وان الحكم منصوص عليه وموقوف على الامام علي كرم الله وجهه وذريته فقط  وهذا انحراف واستخفاف  بالامة والتفاف على حقها في السلطة فهي صاحبة السلطة ومصدرها.
وهذا الفهم الملتبس قالت به الخوارج الذين خرجوا على الإمام علي كرم الله وجهه واعترضوا على التحكيم فقالوا حكم الرجال وما الحكم الا لله  فقال لهم كلمة حق أريد بها باطل وهذا اضطراب في الفهم الذي لا ينسجم مع البصيرة الثاقبة لجمهور المفسرين والعلماء المجتهدين وما اجمع عليه الصحابة في عهد الخلفاء الراشدين  .
 وردة آيات في القران الكريم فيها لفظ الحكم قال الله تعالى :
1- (يأيها الذين امنوا لاتقتلوا الصيد وانتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاؤه مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم)  المائدة  26
2-( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينكم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) النساء 31
3-(الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين أمنوا وعملوا الصالحات في جناة النعيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اؤلائك لهم عذاب اليم)
ذهب جمهور المفسرين ان هذه الآيات ومثيلاتها في القران الكريم تشير الى القضاء والفصل في الخصومات والمنازعات ولا تشير الى الحكم ومفرداته السياسية وقد أكد العلماء المجتهدون هذا المعنى يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: ايتين فقط في القران تشير الى الحكم هما ( ان الله يأمركم ان تؤدوا  الأمانات الى أهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل) والثانية
(وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وما ذكره المفكر الإسلامي سيد قطب في تفسير الآيات الوارد فيها لفظ (الحكم) فكلامه يشير  الى المرجعية النصية  ولا يشير الى الحكم وممارسة مفرداته السياسية وهنا يكمن الخلط واللبس بين المرجعية النصية المتمثلة في القران والسنة الصحيحة وهي لله وبين الحكم وممارسة مفرداته السياسية وهي  حق للأمة فهي مصدر السلطة . والحكم والسياسة جعلها علماء الأمة من فروع الشريعة وليس من الأصول كما قالت بذالك الشيعة أي ان الحكم والسياسة تقوم على الرأي والاجتهاد والخطأ والصواب ولا تقوم على الإيمان أ والكفر
يقول بن تيمية(661-728)ه : ان مبادئ الحكم في الإسلام تراث إنساني ماعدا آيتين في القران
ويقول تلميذه بن القيم الجوزية : ان الشريعة مبناها على الحكم والعلل والسبب ومصالح العباد والسياسة ما كان من الأعمال بحيث يكون الناس معه اقرب الى الصلاح وابعد عن الفساد وان لم يشرعه الرسول أونزل به وحي.
وهذا يؤكد ان نظام الحكم  و السياسية  في الإسلام نظاما بشريا مدنيا سكتت الشريعة عن تفصيلاته ومفرداته قصدا ( وما كان ربك نسيا ) حتى تراعي نمو الحياة وتجددها وتطورها والاستفادة من التجارب الإنسانية  في هذا المجال.
يقول بن خلدون: ان الإمامة والخلافة سلطة بشرية يقيمها الناس رعاية لمصالحهم العامة وهي مفوضة الى نظر الامة. وهذا يتفق مع مضمون الديمقراطية في الحكم التي  تنص على ان الشعب يحكم نفسه بنفسه ولنفسه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق