السبت، ديسمبر 31، 2011

:: بعد عودتها من صعدة رشيدة القيلي لـ "الأهالي":هناك حصار جائر على دماج.. وبعض لجنة الوساطة حوثيون أكثر من الحوثي


يوميات الثورة اليمنية /صحيفة الاهالي
قالت الناشطة رشيدة القيلي عضو لجنة وساطة المجلس الوطني بين الحوثيين والسلفيين في دماج بأن هُناك حصار جائر لحوالي 15ألف نسمة في مساحة تقل عن مساحة السجن المركزي,                    
وقال رشيدة في حوار مع صحيفة الأهالي أنها لم توقع على التقرير وأن بعض أعضاء لجنة الوساطة حوثيون أكثر من الحوثي ،مؤكدةً أن هناك انحياز من بعض أعضاء اللجنة يكشف أكذوبة بعض دعاة الدولة المدنية الذين يرون في صعدة دولة عنصرية مذهبية إقصائية تتخلق في غفلة من ثوابت الشعب وتشريعاته وسيادته ووحدته وجمهرته.
وتبرأت القيلي من التقرير جملة وتفصيلا وقالت "لم أوقع عليه، وتمت صياغته وتقديمه لرئاسة المجلس ونشره على الرأي العام خارج الأطر المتعارف عليها، فأنا المقررة ومحاضر اللقاءات بحوزتي والتصوير، وأكدت بأنها ستطعن في التقرير أمام المجلس الوطني.
نص الحوار
شكل المجلس الوطني لجنة وساطة لاحتواء الأزمة بين الحوثيين والسلفيين التي تسببت في سقوط عشرات القتلى من الطرفين في دماج، وقد عادت اللجنة إلى صنعاء وأعدت تقريرها للمجلس الوطني.. الأستاذة رشيدة القيلي مقررة اللجنة تتحدث للأهالي عن التقرير وعن ما شاهدته في دماج..

* هل فعلا يقبل الحوثي بالحل بينما السلفيون يرفضون كما ورد في التقرير؟

- سيكون أمرا صعبا ومرفوضا لدى أي إنسان أن تطلب منه الجلوس للتفاوض فيما سيف خصمه على رقبته، والأصعب أن ترغمه على التفاوض ومعدته تعزف أحزن ألحان الجوع، ومع ذلك فقد قبل السلفيون التفاوض في ظل هذا الوضع المهدد لحياتهم إثباتا لجنوحهم للسلم، ومن الظلم أن يظل التفاوض من أجل التفاوض، ولهذا فقد السلفيون ثقتهم بالسلطة المحلية السلبية وبأكثر الوسطاء الذين لا يتوخون إتاحة الفرص المتكافئة للطرفين لسماع ما عندهم، فالحوثيين يطلبون الوساطات كنوع من المناورة، والسلفيون غالبا ما يرفضون الصلح إما لأنه صلح أعوج في ذاته أو لأن الاعوجاج موجود في آليات تنفيذه.

* ما هي ملاحظاتك على التقرير؟

- أتبرأ منه وليس لي فيه كلمة واحدة ولم أوقع عليه، وتمت صياغته وتقديمه لرئاسة المجلس ونشره على الرأي العام خارج الأطر المتعارف عليها، فأنا المقررة ومحاضر اللقاءات بحوزتي والتصوير، وكذلك الإلمام بتفاصيل القضية كوني متابعة لها من بدايتها وعلى اتصال بأطرافها، كما توجد تحفظات كثيرة عليه لدى عضو اللجنة الدكتور عبدالقوي الشميري، وسأعلن ملاحظاتي للرأي العام وسأطعن فيه أمام المجلس الوطني.

* لماذا صدر وأنتم غير متفقين؟

- حكمة الله!

* هل توجد أطراف في لجنة الوساطة منحازة للحوثي؟

- نعم.. وهو انحياز يكشف أكذوبة بعض دعاة الدولة المدنية الذين يرون في صعدة دولة عنصرية مذهبية إقصائية تتخلق في غفلة من ثوابت الشعب وتشريعاته وسيادته ووحدته وجمهرته.

* هل حقا أن نصف قوام اللجنة من غير أعضاء المجلس الوطني؟

- بل أكثر من النصف.

* البعض يتهمك بالانحياز لأهل دماج؟!

- رمتني بدائها وانسلت! ووضع القائل أقذاره أمام بابي كي يبدو نظيفا! هل أثبت عدم تعصبي للسلفيين بالقول إنهم هم الذين يحاصرون الحوثيين منذ شهور؟! وأنهم هم الذين يقصفونهم بالدبابات والمدافع!؟ وإن السلفيين المحصورين في اثنين كيلومتر مربع هم الذين يفرضون قبضتهم الحديدية على محافظة صعدة كلها؟! وهم الذين ينهبون قوافل الإغاثة؟ وهم الذين يتعسفون مع الإعلاميين ما لم يكونوا مشهورين؟ قل لي أين يتم تفصيل هذا النوع من الضمير وسأفصله لي حسب المقاس المطلوب حوثيا.

وهل كان تذكيري لبعض أعضاء اللجنة -الحوثيين أكثر من الحوثي نفسه- بأن لجنتنا بمثابة القضاة الذين يتبينون الواقع ثم يصدرون الحكم، هل يُعد تذكيري ذلك انحيازا وأنا أراهم في حل اللجنة وترحالها يجلدون الضحية ويطبطبون على سوط الجلاد؟ هل عندما أنهاهم عن الفصل بين ضمائرهم وأهوائهم وعدم السخرية من معتقدات أي طرف هو انحياز؟

ثم يا أخي ماذا هم قائلون عن دفاعي عن الحوثيين في كل الحروب التي شُنت ضدهم ودفعتُ بسبب ذلك ثمنا غاليا جدا؟ لستُ نادمة على دفاعي عن الحوثي حينما ظننتُ انه كان مظلوما، ولن أندم حين أقف ضد الحوثي اليوم لأنه صار ظالما، ولن أتوانى عن الدفاع عن إخواني الحوثيين إن دارت دورة الأيام وصاروا مظلومين، لا تعنيني الحسابات السياسية ولكن يعنيني أن أقف الموقف الذي أعتقد أنه يخارجني أمام الله في آخرتي، إننا حين نمارس السياسة كأمر بالمعروف ونهي عن المنكر فهذا يعني أن ندور مع الحق حيث دار، أما حين نمارسها كأدوار عابثة ومصالح دنيوية وتعصب للانتماء، فهو لا محالة حقارة في الدنيا وخزي في الآخرة.

* هون التقرير من حجم ما يحدث في دماج..

- لم يهوِّن فحسب بل قلب الحقائق، فقال إن عمراً هو الذي ضرب زيدا، بينما زيد هو الذي ضرب عمرا.

* من هم بقايا أنصار صالح الذين تحدث عنهم التقرير المنسوب إليكم؟

- هم الشمّاعة التي يُراد أن يُعلق عليها كل تبرير لأفعال الجلاد، وكل انتقاص لحقوق الضحية، صحيح أن للنظام إسهام في تأزيم الوضع الصعداوي، لكن الأصح أن تعاون السلفيين مع النظام فعل ماض، وتعاون الحوثيين مع النظام فعل مضارع، وعلى قادة الثورة وشركاء التغيير أن يكونوا صادقين مع الله وشفافين مع الشعب، وأن يقولوا للحوثي: يا شريكنا وأخانا.. لا تقولوا بأفواهكم ما يناقض أفعالكم، لا تهتفوا في الساحات: الشعب يريد إسقاط النظام، فيما أنتم أسقطتم صعدة وتستميتون في إسقاط الجوف وحجة، لا تهتفوا بالموت لأمريكا وإسرائيل فيما أنتم تميتون دماج قصفا وقنصا وتجويعا.

* كيف وجدتِ الوضع في دماج؟

- أقلية تعايشت مع ما حولها أكثر من ثلث قرن، تتمسك بمذهبها ولا تفرضه على أحد، والدليل وجود بيوتات في دماج ليست سلفية، المنطقة ذات مستوى اقتصادي وتنموي متواضع فجاء الحصار الحوثي ليجعل المستوى اقل بكثير من المستوى المقبول، ويجعل هذا الحصار عبارة عن سلسلة جرائم حرب، فالقصف لا يستثني معهدا علميا ولا زريبة مواشي، والقنص يخزق جسد الطفلة كما يخزق خزان الماء، التجويع أضر ببيض البشرة كالطلاب الأوربيين كما اضر تماما بسود البشرة كالطلاب الأفارقة، كلهم يمشون في خنادق حفروها يدويا للتنقل بين البيوت، يستوي في ذلك الصومالي الطويل أو الاندونيسي القصير، قطع الحوثي كابل الهاتف الثابت عنهم، وقنص صحون الطاقة الشمسية، لا يخرجون من أماكن أمانهم -على قلتها- للاحواش والسقوف والساحة والحقول إلا في وقت تواجد لجان الوساطة أو الوفود الإعلامية والحقوقية.

هناك وضع إنساني كان بالغ المأساوية ورغم إدخال بعض الإغاثة فما يزال الوضع مأساويا، وسيعود بالغ المأساوية إذا انتهت مواد الإغاثة خلال أسبوع. هناك حصار جائر لحوالي خمسة عشر ألف نسمة في مساحة تقل بكثير عن مساحة السجن المركزي.

دعني أطلقها صرخة مذهولة مما رأيت: إن حصار دماج هو الصورة العصرية لحصار قريش للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في شعب أبي طالب. ولا أزيد لمن كان له قلبا أو ألقى السمع وهو شهيد.

* كيف توصفين الأزمة؟

- هناك توصيف بسيط لا يحتاج إلى فذلكة وهو أن أزمة صعدة -سيما دماج- هي نتاج لطرف وجد نفسه فجأة ممسكا بأسباب القوة وترسانة مسلحة فلما حل محل الدولة استقوى واستعلى ورأى أن هناك رؤوسا قد أينعت وحان قطافها، وأول هذه الرؤوس السلفيين ومن بعدهم الإصلاحيين وآخرهم الزيود، وحيلولتنا دون قطف الرأس السلفي هو -بالضرورة- حماية للرؤوس الأخرى، بل هو حماية للحوثية نفسها التي ستجد نفسها تأكل بعضها بعضا إن لم تجد ما تأكله.

* ما هو الحل كما تتصورينه؟

- يحل مشكلة صعدة وجود دولة لا يكون قرارها مرهونا بيد طائفة أو مذهب أو قبيلة، دولة تملك القدرة على كبح جماح القوي الطاغي والتفاني في حماية الضعيف المستضعف.

* لماذا فشلت لجان الوساطة السابقة؟

- قوة الجانب الحوثي وحضوره في كل المحافل، وضعف الجانب السلفي وغيابه شبه الكلي، هو سبب هذا الفشل، فبعض الوسطاء إن كان الاتفاق لصالح الحوثي وقفوا إلى جانبه وتحمسوا لتنفيذه، وإن كان منصفا للسلفيين -وقلما يحدث ذلك- عملوا على تعطيله وتكاسلوا عن تطبيقه، ولأن السلفيين لا يجيدون المجاملة واللف والدوران فلا حظ لهم عند أهل اللف والدوران!

أضف إلى ذلك أن الوساطات الآتية تحديدا من خارج المحافظة تأتي وهي لا تملك رؤية عادلة محايدة تفرضها على الجميع بل تأتي بآراء مسبقة ضد طرف ألصقوا به عيوب البغلة، أو مستسلمة لإرادة الطرف القوي ومنطقه.

* بالنسبة للسلطة المحلية ما هو دورها؟

- مع تقديري للأخ محافظ المحافظة الشيخ فارس مناع -الذي وجدنا في حديثه قسطا جيدا من الصراحة والحماس- لكني أشفق عليه وأتألم حين أجد أن الهيمنة الحوثية على المحافظة ككل تهدف إلى سلبه صلاحياته القانونية وإضعاف سلطاته، بحيث تغدو حالة المحافظة مطابقة تماما للمثل القائل: (البيض لي والبقبقة لعمران) مع أن بعض وجهاء المحافظة يرون أن فارس مناع مخير وليس مسير، بحكم التقاء المصالح وتطبيق مبدأ (ركي لي أركي لك).

* هل فعلا توجد حملة إعلامية تضخم الوضع في صعدة؟

- الواقع انه توجد حملة إعلامية تهون الوضع في صعدة بل تبرره وتجوزه.

* قال بعض أعضاء اللجنة أن الأزمة في صنعاء وليس في صعدة؟

- وأنا أقولها وأعلنها صراحة كجرس إنذار أن الأزمة في صعدة ستكون في اليمن كلها، إن لم يتمسك الحوثيون بفضيلة الرجوع إلى الحق وترك البغي والباطل. والذي قال هذه المقولة يؤسفني انه ينكر أن هناك طرفاً مستقوياً يفرض الحصار ويقتل ويفعل ما يحلو له دون تراجع عن باطله.
 * ما هي قصة اختطاف شاحنة الإغاثة من قبل الحوثيين؟
 - انطلاقا من واجب المسارعة إلى إنقاذ الذين يعيشون وضعا إنسانيا يهدد حياتهم جمعنا نحن مجموعة من الناشطات وربات البيوت والأطفال بالتنسيق مع بعض الجمعيات الخيرية تبرعات إغاثية لنساء وأطفال دماج وأرسلناها إلى دماج فجر الجمعة الفائتة بصحبة مرافقين اثنين مع سائق الشاحنة فتم اعتراضها في نقطة حوثية في حرف سفيان وحكى لنا المرافق ما تعرض له فقمت بإبلاغ الشيخ حسين الأحمر وأخيه الشيخ قحطان وتواصلوا مع القيادة الحوثية وما زلنا فاقدين أثرهم منذ ظهر الجمعة وحتى اللحظة (مغرب الأحد). وهذه ثالث إغاثة مرسلة لدماج يتم قرصنتها.

* هل تتوقعين أن ينجح الشيخ حسين الأحمر في وساطته؟

- سينجح الأخ حسين الأحمر لو أراد ذلك حقا، لأن ثقله القبلي والسياسي يعتبر جواز مروره لإطفاء أكثر البؤر اشتعالا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق