السبت، ديسمبر 10، 2011

دماج معقل السلفية في اليمن --قراءة في حياة الوادعي وخليفته والمآخذ على مدرسته مقارنة بالمدارس السلفية الأخرى

يوميات الثورة/ سلمان العماري
في نهاية سبعينيات القرن الماضي تقريباً تأسس منشأ ومعقل الدعوة السلفية الأول في اليمن حين قفل مؤسسه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي عائداً من بلاد الحرمين إلى اليمن ،ونزوله في مسقط رأسه وبلدته دماج التي تقع في وادٍ جنوب شرق مدينة صعدة بشمال اليمن، وهي تابعة إداريًا لمديرية الصفراء . ويعتبر الشيخ مقبل بن هادي بن مقبل بن قائدة الهمداني الوادعي أحد علماء ومراجع السلفية باليمن ،ومؤسسها الأول،وأحد المشتغلين في علم الحديث المعاصرين الذي أنشأ مدرسة علمية سلفية بدماج ،والتي تسمى بـ " دار الحديث "،ويفد إليها الطلاب من أنحاء اليمن، ومن بلدان أخرى، وقد تتلمذ وتخرج على يديه مشايخ كُثر أنشئوا مدارس في عدد من مناطق اليمن .
وادي دماج
في الجنوب الشرقي من صعده يقع الوادي الذي تسكن فيه قبيلة وادعة التي تتفرع لأربع أفخاذ هي آل خلال، آل خميس، آل قريش، آل عوران، ولكل فخذ شيخ ، وشيخ مشايخ وادعة دماج ووادعة كاملة علي حمود بختان آل راشد التي منها الشيخ مقبل بن هادي قايدة آل راشد الوادعي .
ويبعد وادي دماج عن مركز المحافظة حوالي 7كم ،وطوله يقارب 25 كلم ،وعرضه لايتعدى 3 كم يحده من الجنوب جبال الحناجر،والتي هي من دماج، يليها درب وادعة ثم آل عمار مركز مديرية الصفراء،ومن الشمال يحده جبل المدور والعفاري ،ومن الشرق يحده العبدين من بلاد سحار ،ومن الغرب يحده آل سالم .
ويتراوح عدد سكان منطقة دماج من 15000 - 20000 خمسة عشر ألف إلى عشرين ألف نسمة بحيث تشير التقديرات لإحصائية التعداد السكاني لعام 2004 م والتي نشرها موقع الجهاز المركزي للإحصاء اليمني أن عدد سكان دماج 15626نسمة ،وعدد المساكن التي يقيمون فيها 2419 مسكن .
المؤسس والمحدث الوادعي
ولد مقبل بن هادي بن مقبل بن قائدة الهمداني الوادعي في قرية دماج التابعة لمديرية الصفراء بمحافظة صعدة باليمن، ولم يؤرخ ميلاده على وجه التحديد لكونه نشأ في بيئة أُمِّيَّة،و يعتقد أنه في حدود عام 1351هـ وقد نشأ يتيم لأب، وهو من قبيلة وادعة من هَمْدان .
وكانت بداية طلبه للعلم في اليمن مقتصرة على إجادة القراءة والكتابة وشيء من تلاوة القرآن، ثم رحل إلى السعودية وتأثر هناك بالواعظين وأرشده أحدهم إلى كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد لأحد أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب فتأثر به جدًّا ولما رجع إلى اليمن أخذ ينكر ما عليه أهل بلده من الأمور المخالفة للعقيدة مما استفاده من ذلك الكتاب، فأرغم على الدراسة في مسجد الهادي بصعدة الذي يدرس المذهب الزيدي الهادوي، ثم لما قامت الثورة في اليمن رحل إلى السعودية حيث درس هناك بمعهد الحرم المكي حتى أتم المرحلة الثانوية، ثم بالجامعة الإسلامية، فدرس بكلية أصول الدين انتظاماً، وبكلية الشريعة انتساباً، ثم واصل دراسته فيها حتى حصل على الماجستير في تخصص علم الحديث،ثم أقبل على كتب السنة،والتفسير،وكتب الرجال، ينـهل منها، ويستمد منها مؤلفاته القيمة .
ويذكر الوادعي في ترجمته أثناء عودته من بلاد الحرمين " ولما وصلت إلى اليمن عدت إلى قريتي ومكثت بها أُعلِّمُ الأولاد القرآن " ثم قام بتأسيس "دار الحديث" لتكون مركزاً ومنطلقا لدعوته، وهناك بدأ استقباله للراغبين في طلب العلم، وانتشر صيتها في أنحاء اليمن، حيث درس الشيخ فيها العقيدة والفقه والحديث واللغة، وكانت الدراسة تعقد في المسجد كما جرت به العادة، مع توفير السكن والغذاء للطلاب، وبلغ الإقبال إليها من الدول العربية، ومؤخرا من الدول الإسلامية والغربية عموماً .
ويرجع مذهب الشيخ مقبل بن هادي الوادعي إلى التشيع قبل تحوله إلى السنة، حيث تنتمي قبيلة وادعة إلى المذهب الهادوي ،ونشأ الشيخ كبقية أبناء قبيلته متأثراً بهذا المذهب الذي كان سائداً في منطقة صعدة (شمال اليمن، بمحاذاة المملكة) حيث يغالى في علي - رضي الله عنه - والحسن والحسين وفاطمة - رضي الله عنهم - أجمعين، ويذم الصحابة وزوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - كما هو مذهب الشيعة .
وقد اشتغل الوادعي بمرويات الحديث الشريف،وخاض مع الشيعة وفرقها مواجهات فكرية محتدة،وله في ذلك عدة مؤلفات في مسائل حول الصحابة وآل البيت،ونشر مذهب السنة وقواعد الرواية وتلقي الآثار،واتخذ في ذلك الدروس والمحاضرات والخروج إلى الناس في مناطقهم وقراهم .
ولم يكن للشيخ الوادعي مواقف وطريقة سياسية معينة بالمعنى المتبادر للذهن لكن نستطيع القول أنه مارس نوعاً من التوجيه الدعوي،والفتيا المتعلقة بالشؤون العامة في القضايا التي شهدتها الساحة اليمنية،وكان من أبرزها قضية التعددية والوحدة،والدستور، وإعلان الديمقراطية كمنهج سياسي في الحكم يقوم على إنشاء مجلس تشريعي،لطالما أطلق عليه الشيخ (مجلس الدواب )وتعدد الأحزاب،وإطلاق الحريات الفكرية والعقائدية، إضافة إلى مواقفه من الانتخابات والأحزاب عموما بما فيها الأحزاب الإسلامية،وغيرها من القضايا التي شهدتها اليمن .
وقد اشتهر بموقفه الحاد من مخالفيه وخصومه بحيث كان يفتح باب النقاش والرد في مجلسه حتى مع صغار السن، وكان يطرح كافة القضايا على طلابه، وأُخِذ عليه - رحمه الله - تصديقه لكل من جاءه مخبراً عن مخالفيه بخبر ما وشدّته في نقده لهم ،وضعف اتصاله بالعلماء والدعاة، وانقطاعه لطلابه فقط !
ولعل هذا السبب ما جلب له الخصومات المختلفة مع طلابه الذين خالفوه، أو التيارات الإسلامية القائمة في الساحة التي ناوأها الشيخ في كتبه وأشرطته،وقد ألّف في ذلك الشيخ محمد بن موسى العامري أحد تلامذته كتاباً يحمل عنوان " الشيخ مقبل الوادعي أرائه العلمية والدعوية دراسة نقدية "عرض فيها لمنهجية الشيخ الفقهية والعلمية بشيء من الدراسة والنقد ،وقد أخذ الخلاف بين الشيخ وبعض طلابه وعلماء ودعاة اليمن طابع الحدية في ظروف معينة، وإن كانت لم تخل من تواصل في بعض الأحيان .
مدرسة دار الحديث في دماج
في كتابه العلمي والنقدي - الشيخ مقبل الوادعي وآراؤه العلمية والدعوية - يروي الشيخ محمد بن موسى العامري أحد مخرجات مدرسة دار الحديث بدماج أن البداية كانت متواضعة جداً حيث كان الشيخ الراحل مقبل بن هادي الوادعي وحيداً في قريته عندما عاد من بلاد الحرمين يدرس في قريته،ولم يكن لديه من الطلاب سوى عدد أصابع اليدين لقلتهم ثم بدأ يفد عليه الطلاب الواحد تلو الآخر،وكان يأخذ من أفراد القبائل والعشائر اليمنية بعض أبنائها للدراسة عنده للدراسة في الدار حين كان يخرج للدعوة في أوساط القبائل .

ومرت الأيام الأولى التي حظيت بها مدرسة دماج بالقبول ،وتدافع الناس إلى الأخذ عن شيخها الذي اشتهر بعلم الحديث،وكان يعتبر حينذاك شيئاً جديداَ دخل على أهل اليمن نتيجة غياب المشتغلين فيه والمهتمين بتدريسه وتعلَمه،وفي المركز تقام في كافة الفنون الشرعية، ابتداءً بأمهات الكتب وأشرفها وأعلاها كتاب الله تعالى، حفظاً وتجويداً وتفسيراً, فيعتنون بتدريس تفسير الحافظ ابن كثير، وكذلك بتدريس مقدمات في التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيرها من الكتب .

ويعتنون بتدريس الصحيحين صحيح الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، وصحيح الإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري،أما دروس العقيدة فيهتمون بها اهتماماً كبيراً ،ودروسها تربو على خمس وثلاثين كتاباً من كتب العقيدة, وأما دروس الفقه فيهتمون كثيراً بشرح بلوغ المرام وعمدة الأحكام والدراري المضيئة للشوكاني وصفة صلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للعلامة الألباني,وغيرها من كتب الفقه .

وأكثر ما يهتمون بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية،وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب النجدي، وشرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي،ويدرسون الفرائض، وأصول الفقه،ومصطلح الحديث، ويهتمون باللغة العربية نطقاً وتدريساً في النحو والبلاغة والصرف والعروض والقافية والإملاء والقراءة والكتابة .
مآخذ على المدرسة ومؤسسها
غير أن دار الحديث ومدرسة دماج مع توافد الطلاب إليها وكثرتهم ،ومرور السنين شابها الكثير من الخلل والنقص في كثير من الأمور على الرغم مما قدمته في جوانب شتى تعليمية،وقد أخذ عليها غياب المنهج العلمي المتكامل،والمرحلية في الطلب باعتماد نظام يسير عليه الطلاب في التدرج بسلم العلوم الشرعية وتلقيها بالإضافة إليه ضعف جانب التربية الذي أحدث خللاً واضطراباً في تعامل منسوبيها مع غيرهم وهو السمة الغالبة عليهم في التسرع والغلو ،والتصدر للفتوى ،وإطلاق أحكام التبديع والتفسيق على المخالف حتى من صغار التلاميذ المبتدئين ،يضاف إلى ذلك تضييق هذه المدرسة لمفهوم أهل السنة الجماعة ،وحصره في ذاتها وأتباعها ،ومن خالفها يعتبر خارجاً عن منهج أهل السنة وتسقط في حقه أحكام البدعة أوالفسوق ،وهلم جراً .

ومدرسة دار الحديث بدماج تنتسب إلى منهج أهل السنة والجماعة ،وهو طريقتها ومنهجها الذي ترجع إليه الإماندر من القضايا التي حصل فيها نوع شذوذ مثل التعامل مع المخالف وغيرها،والطعن والقدح في كثير من علماء الأمة ومصلحيها ،وقد اهتمت هذه المدرسة بالعلم الشرعي التقليدي دون النظر إلى تطبيقاته في الحياة والمقاصد الشرعية مما أوجد فصاماً نكداً بين النص وتطبيقه .

كما أنه ليس لهذه المدرسة مذهب فقهي أومدرسة تنتمي إليها ،وتتبنى أقوال أئمتها بل لقد كان يرى مؤسسها أن المذاهب الأربعة بدعة ماأنزل الله بها من سلطان،وممَا أثر عنه إنكاره لحجية الإجماع والقياس،والمصالح المرسلة والقول بالاجتهاد ،كذلك يؤخذ عليها شدّة انهماك القائمين عليها ومنسوبيها في الاشتغال بالجرح والتعديل ،وهو أحد العلوم والقضايا الهامة وأخطرها قديماً وحديثاً .
خليفته الشيخ يحي الحجوري
ويروي الشيخ يحيى الحجوري في حديثه عن سيرته أنه بن علي بن أحمد بن علي بن يعقوب الحجوري، من قبيلة بني وَهان، من قرية الحَنجَرة في أصل جبل الكُعَيْدنة انتقل جدي أحمد بن علي يعقوب إلى قرية تبعُد عنها بمسافة غير يسيرة يُقال لها قرية جبَر قبيلة الزغابية، وتزوج منهم، فهم أخوال والدي الذي نشأ بينهم عند بعض أسرته وتزوج منهم أيضا بأمي من أسرة عقال قرية الزغابية وفيها كان مولدي قبل نحو أربعين عاماً،

وذكر في صفحته الشخصية أنه تلقى تعليمه في الكتاتيب – المِعْلامة - كما هو شأن التعليم القديم، وقراءة القرآن نظراً في المصحف، وتعليم الخط، ولمّا تخرجت من تلك - المِعلامة - بقراءة القرآن نظراً ومعرفة شيء من الخط عزم والدي على الذهاب بي إلى مدينة الزيديّة حيث كان يُشاع عند الناس هناك أنها مدينة العلم، وكانوا هم أهل الفتوى في الطلاق والمواريث ونحوها .

ويقول " ثم بعد ذلك ذهبت إلى السعودية فكنت أحضر حلقة الإقراء بعد صلاة الفجر عند فضيلة الشيخ المُقرئ الشهير عُبيد الله الأفغاني –حفظه الله- في مدينة أبها، وسمعنا عنده شيئا من صحيح مسلم كان يبدأ به قبل السماع لنا، ثم سافر انتقلت إلى الشيخ المقرئ محمد أعظم الذي كان يدرّس القرآن في مسجد اليحيى، فقرأت عليهما إلى سورة الأعراف، ثم سافر الشيخ أيضاً، وأكملت القراءة برواية حفص عن عاصم عند المقرئ محمد بشير " .

ويضيف " أنه سمع بالشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله وأنه عالم سلفي يُدرّس علوم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في دماج إحدى قرى بلاد صعده ،فالتحقت به في عام (خمسة وأربعمائة وألف للهجرة النبوية-1405 هـ) على صاحبها الصلاة والسلام، وجاء معي والدي ووصّى بي الشيخ رحمه الله خيراً، ثم انصرف، ولا يزال معيناً لي على طلب العلم بالمساعدات المالية بين حين وآخر " .

ويشير بالقول " تلقيت على يد شيخنا شيخ مشايخ الدعوة السلفية في اليمن مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله- بعض الدروس في النحو العقيدة والفقه...،عند بعض المشايخ الأجلاء من أكابر طلاب شيخنا الإمام الوادعي - رحمه الله في الدار،وشكر الله لهم جميعاً، وبعد ذلك كان شيخنا مقبل أسكنه الله الفردوس الأعلى يأمرني أن أنوبه في التدريس إذا مرض أو سافر، ولمّا دنى أجله – رحمه الله- أوصى أن أكون بعده خلَفاَ له على ذلك الحال " .
شخصية ومنهجية الحجوري
تمر،وتمضي الأيام ،ويخلف الحجوري الشيخ مقبل الوادعي في رئاسة الدار،ومدرسة الحديث بدماج عملاً بوصيته التي قال فيها " وأوصيهم بالشيخ الفاضل يحيى بن علي الحجوري خيرًا وألا يرضوا بنزوله عن الكرسي فهو ناصح أمين " ونص الوصية هذه منشور في موقعه،وقد تمخض عن هذه الوصية حدوث صراعات مختلفة بين تلامذته الأقران بصورة مباشرة بعد وفاته،وجرت حروب فكرية حوتها الصحف والكتب،وامتلأت بها الشبكة العنكبوتية نتيجة الخلاف على موقع الرجل الأول في مدرسة دماج لم تتعافى منها حتى اللحظة مما أطمع خصومها من طرف الحوثيين للنيل منها، والتضييق على من فيها ،وفرض حالة حصار مطبقة عليهم لفترة جاوزت أكثر من شهر في الآونة الأخيرة .

ولم تختلف مواقف الخليفة الشيخ يحي الحجوري عن معلمه الشيخ الوادعي في كثير من قضايا ،ومسائل كثيرة إذ أن طريقته ومنهجه تحاكي نفس منهج وطريقة مؤسس دار الحديث السلفية الشيخ الراحل مقبل بن هادي الوادعي في الدعوة،والتعامل مع الآخرين ؛ بل زاد على ذلك بالإفراط في الشدة، والغلظة ،والفضاضة في التعامل مع المخالف والآخر،وإن كان محسوباً على مدرسته ومريديه أتباعه فعلى سبيل المثال أنه ،وفي تسجيل شريط صوتي له لجلسة واحدة بين مغرب وعشاء تكلَم وشتم أكثر من مائة وخمسين عالماً ،وقال فيهم ألفاظاً يستحي الواحد أن يذكرها ويعرضها للقارئ .

ومنذ أن تولى التدريس حتى كتابة هذه السطور خاض الحجوري بعد خلافته لكرسي الوادعي منذ عام 1420 هـ تقريباً صراعات عنيفة فكرية يطغى عليها الجانب الشخصي، والتصدر لأن يجعل من نفسه وذاته معبراً عن السلفية والسلفيين في اليمن ،ولا يريد أن يكون في هذا الموقع غيره كما لوحظ احتقاره للآخرين وازدرائهم وتسفيههم ،ولديه جرأة غير محدودة في النيل من العلماء والدعاة،ومشايخ وطلبة العلم في الداخل والخارج فضلًه عن أقرانه باستخدام الألفاظ النابية التي لاتدخل في إطار الجرح والتعديل،من يخالفه يكون معرضاً للسباب والشتيمة من قبله،والطعن فيه والاتهام له بالحزبية أو تبديعه ومروقه من أهل السنة والجماعة كما موثق في أشرطته وبياناته ودروسه المبثوثة على الشبكة .
دماج ومدارس السلفية في اليمن
تعتبر مدرسة دماج التي يعود تأسيسها إلى نهاية سبعينيات القرن الماضي على يد مؤسسها الشيخ الراحل مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله هي المدرسة الأم التي تفرع عنها بقية المدارس الحالية – الحركية التجديدية الاجتهادية - في اليمن ،والتي خرجت في كثير من مواقفها وأفكارها عن مدرسة دماج التقليدية ،واتخذت لذاتها طريقة جديدة في التعاطي مع قضايا ومستجدات الواقع والحياة وطورت من لغة الخطاب وفقه التعامل مع الآخرين بفتح قنوات تواصل وتشبيك العلاقة ،والتنسيق مع مختلف مكونات المجتمع اليمني وتشكيلاته .

وتعد السلفية أحد التيارات الإسلامية ،ومدرسة فكرية سنية تدعو إلى العودة إلى إتباع منهج السلف ،والتمسك به باعتباره نهج الإسلام الأصيل في أخذ الأحكام من القرءان الكريم والسنة النبوية الصحيحة والابتعاد عن كل المدخلات الغربية التي تتنافى وروح الإسلام ،وتعاليمه فيما نقله السلف وفهموه .

وتمثل في إحدى جوانبها - التاريخي - إحدى التيارات الإسلامية السنية العقدية في مقابل الفرق والمذاهب الأخرى ،وفي - واقعنا المعاصر- تعتبر إحدى المدارس الحركية السنية التي تستهدف إصلاح أنظمة الحكم والمجتمع والحياة عموماً .

وتعتبر السلفية في اليمن واحدة من الجماعات الإسلامية ذات الحضور الفاعل في المشهد الدعوي،والسياسي الحركي المنضوي في اتجاهات وأطر !! فهناك السلفية المحلية التقليدية التي تعد امتدادا لمدرسة الإمامين الجليلين الصنعاني والشوكاني.. وغيرهما من أئمة اليمن السابقين،وهؤلاء يمثلون السلفية العلمية الحديثية،والفقهية والعقائدية .

ويقابل هذا التيار تيار سلفي حديث، وهو تيار متأثر بالامتداد السلفي على مستوى العالم الإسلامي، وبالأخص بلاد الحرمين وأرض الكنانة،ومن هذا التيار أتباع الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله ،ممن يرون رؤاه الفكرية والحركية ويأخذون باجتهاداته على خلاف فيما بينهم في هذا الشأن – فمن مقل ومستكثر. ومن المؤسف أن هذا التيار يعاني من خلافات داخلية وصراعات فكرية نشأت كنتيجة لعوامل مختلفة أثرت على طلاب الشيخ وأتباعه من حيث التعاطي مع العلوم الشرعية أو التعاطي مع الواقع أو من حيث الدخلاء على هذا التيار .

وقد خرج من عباءة هذا التيار فصيل له أطروحاته ورؤاه التجديدية داخل الجماعة السلفية تميز بها عن المدرسة التقليدية،وهو ما يوسم بالتيار السلفي الحركي أو المؤسسي ،ومن أبرز مكوناته الجمعيات الخيرية السلفية في اليمن، والتي يقوم عليها أو ينضوي تحت منا شطها عدد من العلماء والدعاة السلفيون 'جمعية الحكمة اليمانية' و'جمعية الإحسان الخيرية '.

المصدر  نقلا عن مأرب برس 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق