الأربعاء، أغسطس 10، 2011

ممثل شباب الثورة في إب لـ"الغد": يجب أن نتخفف قليلا من عبء الاستكانة السياسية ونمارس الفعل الثوري


يوميات الثورة/حوار مع ممثل شباب الثورة بمحافظة إب
 قال إن الحالة الثورية تمر بمرحلة حرجة وأكد بأن أي طرف لوحده لن يكون قادرا على تحقيق الثورة
الشاب أحمد علي عبداللطيف الطاهري (28 سنة)، أحد القيادات الشبابية في ساحة الاعتصام بخليج الحرية بمدينة إب، اختير أخيراً ممثلاً عن الثوار بالمحافظة في المجلس الوطني الذي يضم ممثلين عن كل ساحات الاعتصام في الجمهورية، وذلك في انتخابات مباشرة جرت تحت إشراف لجنة مشتركة من أحزاب المعارضة والشباب المستقلين في الساحة.
كان الطاهري أنهى رسالة الماجستير في الصيدلة بالهند أواخر العام الماضي، فعاد إلى اليمن ليشهد إرهاصات الثورة اليمنية ثم انطلاقتها مطلع هذا العام، حيث كان في طليعة الشباب الذين خرجوا إلى ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء، وأسهم بدوره عبر وسائل الاتصال الحديث "الفيس بوك" في التوعية بأهداف الثورة وقيمها، قبل أن ينتقل إلى محافظة إب لمواصلة المشوار، والإسهام في تأسيس ائتلاف قوى التغيير بساحة خليج الحرية..
"الغد" التقته في هذه المقابلة، للاطلاع من خلاله على آخر الأفكار التي تعتمل في أذهان شباب الثورة في ساحات الاعتصام ومسار الثورة الشبابية السلمية في ضوء التطورات الراهنة وتداعياتها..
أجرى الحوار/ صلاح عبد القوي
*كيف تنظرون إلى مستقبل الثورة السلمية في ضوء التطورات الأخيرة وانزلاق الوضع إلى قتال في أرحب وتعز وغيرها؟
**الحالة الثورية تمر بمنحى يحمل الكثير من الخطورة ونشهد تفجر بؤر صراع هنا وهناك لكن المسار العام للثورة ما يزال متمسكا بالخيار السلمي رغم محاولات النظام جر البلاد إلى أتون عنف شامل ومخططات صوملة وحرب من طاقة إلى طاقة بشر بها سابقا.. لقد اختارها الشعب اليمني ثورة سلمية وتحملوا وصمدوا في الساحات واعتقد ان استمراء  آلة القمع العسكرية لهوايتها في القتل والترويع وفرض الحصار الجماعي لن ينال من الضمير الجمعي لشعب طال ظلمه وانتهكت حقوقه.. خبرات النظام في التجويع والقمع والفهلوة تصطدم بوعي يقظ لشعب اختار التغيير ويراهن على المستقبل.. أنا مؤمن بان ما نشهده جزء من مخاض شاق وعسير مثقل بركام 33 عاما من التدمير الشامل لمقومات البلاد.. إن واقعاً بائساً ومهترئاً كالذي خلفه النظام لا يقهر إلا بالثورة وبالثورة وحدها نستطيع تغيير كل شيء.
*انتم كشباب ثورة هل تنوون عمل شيء من أجل فك الحصار المفروض على الشعب اليمني؟
**إلى الآن لا يمتلك شباب الثورة الأدوات اللازمة لفك الحصار الجماعي المفروض على الشعب في الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والوقود, لان ذلك يتطلب القدرة على العمل بقدرات وإمكانيات دولة.. لكن أي نظام يحاصر شعبه في احتياجاته الأساسية ويخيرهم بين بقائه أو الجوع والفوضى مصيرة للزوال..
*مقاطعا.. هذا يعني أنكم ستبقون دون تحرك؟
**لا، بل التحرك مطلوب في إطار ما هو ممكن عمله واعتمادا على خطة عمل مدروسة وواقعية تبدأ بإيضاح حقيقة هذا الحصار وتقول ببساطة أننا لسنا من صنع أزمة الوقود والاحتياجات ولسنا من يفرض الحصار.. لو لم يكن إلا هذا الحصار سببا للثورة لثرنا..
*ماذا يعني، بالنسبة لك، اختيارك ممثلاً للشباب المستقل في ساحة خليج الحرية وما هي أهمية إقدام الشباب على اختيار ممثل لهم؟
**أكرمني شباب الثورة في خليج الحرية بثقة لا استحقها وحملوني مسئولية أنظر إليها بإجلال وإكبار.. وبين الاعتزاز والمهابة أجد نفسي ملزما بأداء واجب أؤتمنت عليه وذلك شرف لا ادعيه لكنني سأسعى للقيام به جهد استطاعتي.. إننا أمام لحظة تحول تاريخي تحتاج تضافر وإسهام كل القوى والجهود فالثورة تهيئ مناخات استثنائية والمسألة تعتمد على مدى قدرة مكونات العمل الثوري على الاستفادة من الفرص المتاحة في عملية التحول نحو المستقبل.. وإشراك الشباب وإدماجهم في عملية صناعة الخيار الثوري تكريساً لمبادئ الشراكة بين كل قوى ومكونات الثورة..
*ما هي أولويات الشباب في ساحة خليج الحرية خلال هذه المرحلة؟
**الحديث عن تحديد أولويات للمرحلة القادمة يفترض مسبقا وجود قراءة مستفيضة للفترة الماضية من عمر الثورة وتقييم موضوعي لمخرجاتها وهو ما لم نقم به حتى الآن بصورة منهجية ومتى ما قمنا بذلك اعتقد بأننا سنكون قادرين على تحديد أولوياتنا بوضوح أو على الأرجح نكون قادرين على إعادة ترتيب الأولويات.. بشكل عام تتسم حركة الشباب بالتشتت وهشاشة الأطر التنظيمية وضعف القدرات بسبب حداثة تجربتهم وغياب المرجعيات الناظمة لاتجاهاتهم كما أن رؤيتهم ما تزال متأثرة بضعف عمليات التنشئة السياسية والثقافية بل قل التشويه والهدر العام الذي تعرضوا له من قبل النظام.. ولذلك فإن تعزيز الأشكال التنظيمية للشباب وتنمية قدراتهم السياسية والثقافية ورفع مستوى الوعي الثوري تأتي على رأس الأولويات..
*ما هي أوجه التوافق القائم بينكم وبين القوى الحزبية في الساحة حول مسألة التصعيد؟
**متى ما كان الوطن كقضية ومصير حاضرا لدى كل القوى الثورية فبإمكاننا أن نختلف ونتفق.. كثير من الشعارات التي تم المطالبة بها تحولت إلى نوع خاص من المشاكل.. خذ التصعيد كمثال على ذلك, فالجميع يطالب بالتصعيد لكن ممن نطالب وهل هناك صيغ ومقاربات عملية قابلة للتطبيق.. ويبدو لي أننا عندما نرفع شعارا نستهلكه بإفراط حتى يفقد معناه وتلك مشكلة ينبغي التنبه إليها.. وهذا عائد إلى التباس الثوري بالسياسي وطغيان السياسة ونفوذ ماكينة دعائية مضللة على ما عداها لذلك تحول التصعيد أداة ضغط لا إلى أفعال.. والمدخل لتجنب هذا الإرباك أن نتخفف قليلا من عبء الاستكانة السياسية ونمارس الفعل الثوري ونترك الحالة الثورية تقرر صيرورتها ومآلاتها..
*قررتم المشاركة في المجلس الوطني على ماذا بنيتم قراركم؟
**المجلس الوطني خطوة تأخرت كثيرا لكن أن تأتي متأخرة خير من أن لا تأتي.. الشرط لنجاح المجلس أن يكون معبرا حقيقيا عن ائتلاف وطني واسع يضم كل القوى المؤمنة بالثورة وان يتمتع بالشفافية والوضوح الكافيين لتجاوز معضلات الواقع اليمني المهترئ، ودون ذلك اعتقد بان المجلس لن يكون قادرا على أن يخطو أولى خطواته.. ونحن كشباب نستشعر طبيعة المرحلة الراهنة ونؤيد أي عمل يؤدي إلى حشد الإرادة الشعبية وتعزيز الشراكة لتحقيق أهداف الثورة..
*ماذا عن المجلس الانتقالي الذي أعلن عنه مجلس شباب الثورة سابقاً؟
**المجلس الانتقالي خطوة جريئة حركت المياه الراكدة لكنها جاءت ارتجالية.. فأي مجلس انتقالي لا تتوافر حوله إرادة شعبية لن يتمكن من بناء وتشكيل أدواته والياته لانجاز مهام الثورة.. والملاحظ حتى الآن أن المجلس لم يحدد مهاما واضحة ولم يتحدث عن وظائف يناط به القيام بها.. نرحب بكل جهد يساعد على إنجاح الثورة لكن المجلس الانتقالي كان بحاجة إلى مزيد من الجهد..
*ما هو الجديد الذي سيقدمه الشباب الذين انتقدوا القوى الحزبية في الساحة نقدا لاذعا بشان تأخير حسم الثورة؟
**لنتواضع قليلا وليدرك كل طرف انه جزء من الثورة وليس كل الثورة.. فالثورة لن تكون حكرا لطرف دون آخر لكنها ثورة شعب بكل مكوناته وتلك هي الضمانة الوحيدة لانتصار الثورة.. ولا أجد مبررا واحدا منطقيا للحساسية المفرطة لدى البعض من النقد فالأساس أن نفرق بين الشخوص سواء كانوا أفراداً أو تنظيمات وبين القيم المجردة كي لا نكون ملزمين بتقديس الأخطاء.. الشباب وجهوا نقدا لاذعا لما يرونه أخطاء وهذا الاختلاف الحاصل حراك ايجابي ضمن تفاعلات الساحة ما دام أنها تتحرك في إطار ثوابت وأهداف الثورة.. وما يمكن أن نقدمه يتحدد في ضوء الممكن فعله وهو متروك لظروفه ولحظته لكننا ملتزمون بالشراكة والقبول بالاختلاف ونستمع إلى بعضنا بعض دون أحكام مسبقة أو قناعات جاهزة.. الثورة تحدث فرزاً حقيقياً بين مكوناتها ويتزامن معها تعرية لكثير من الأخطاء ما يستلزم مراجعة دائمة للمواقف والقناعات..
*لكنكم انتقدتم وبحدة ما أسميتموه حالة الجمود والشلل الذي يتهدد الثورة فماذا ستقدمون لتجاوز ذلك؟
**علينا أن نعترف بان أي طرف لوحده لن يكون قادرا على تحقيق الثورة أو انجاز أهدافها سواء شباب أو أحزاب.. الحالة الثورية تمر بمرحلة حرجة وينتابنا القلق بل نصاب بالهلع وهناك ما يبرر ذلك.. لكننا نقر بشراكة الجميع وأقولها مجددا لن يستطيع احد أن يتجاوز شركاءه في الثورة.. ما الذي سنقدمه سيكون بالتوافق مع كل الشركاء والثوار في الساحة وهو عائد لظروفه ولحظته..
* من وجهة نظرك ما هي معوقات الحسم الثوري حتى اللحظة؟
**السؤال ينطوي على تبسيط مخل لظروف وخصوصية الثورة اليمنية.. وهو تبسيط مضلل لإدراك المتلقي.. فالثورات لا تنتهي بالشرط بـ18 يوما أو شهر وتتفاوت مدتها بحسب ظروفها.. اعتقد أننا وقعنا في عدد من الأخطاء الاستراتيجية والأمر كما قلت بحاجة إلى قراءة مستفيضة للفترة الماضية وليس لانطباعات عابرة أياً كانت دقتها..
*من وجهة نظرك ما المطلوب كي تخطو الثورة؟
**في رأيي الشخصي اعتقد بان الحاجة باتت ملحة إلى إنتاج أدوات عمل ثوري جديدة تقوم على أساس الشراكة والمسئولية بين القوى الثورية في رسم المستقبل اليمني، أدوات لا نستعيرها من خارج نسق الثورة السلمية ولا تساهم في إعادة إنتاج الواقع وتتمكن من صياغة مشروعها البديل القادر على تقديم إجابات لكثير من الأسئلة العالقة ويقود الوطن وينتقل به إلى مرحلة ما بعد النظام.. علاوة على ذلك نحتاج إلى استراتيجية ثورية توضح الخطوط العريضة للعمل الثوري ومراحله المختلفة وتلبي تطلعات الشباب والشعب في الحسم الثوري.. من يقرأ المشهد السياسي يدرك الاختلال الحاصل بين العمل السياسي والثوري.. والمطلوب أن يكون الفعل الثوري أولاً  ليأتي العمل السياسي ليكمله..
*شوهد في الجمع الأخيرة بمحافظة إب انتشار كثيف للمسلحين القبليين الذين تعهدوا بحماية المعتصمين، هل هذا تحول جديد في مسار الثورة السلمية بالمحافظة، برأيك؟
**أولا هناك نوع من التهويل في ما يخص ذلك،  ويفترض بك أن تسأل أجهزة النظام عن الانفلات الأمني الحاصل والانتشار الكثيف لمسلحيهم واحتلال المرافق الحكومية والمدارس وتحويلها إلى ثكنات للهجوم على المتظاهرين والمعتصمين السلميين، أليس ذلك سببا في استفزاز مشاعر أبناء المحافظة وإحداث ردة فعل لدى المجتمع ربما تتجاوز بكثير ما هو حاصل؟!.. إب محافظة مسالمة لكنها لم تعد محافظة مستباحة.. أعود فأقول بان هناك نوعا من التهويل وما يحصل هو مبادرة من قبائل المحافظة لحماية أبنائهم المعتصمين، ولا يعني بالضرورة ان الثورة بدأت تأخذ منحى آخر داخل المحافظة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق