الأحد، أغسطس 07، 2011

هذه قصتي .. أنا صندوق الاقتراع


يوميات الثورة/كتب-صادق عبدالرزاق
كم كانت فرحتي عظيمة حين توهمتُ أنى سأصنع للشعب مكانة وقيمة , تخيلتُ ان بمقدوري تغيير الأدوار فيصير الشعب فوق الحاكم ,والحاكم وكيل يجسد إرادة الشعب, فدخلت الملعب والأمل يحدوني بمستقبل زاهر بالخيرات زاخر, فلما أصبحت في قلب الملعب , رأيت القوم قد شدوا مآزرهم , لخوض غمار التنافس الانتخابي وأنا الحكم بينهم , لكنني فقدت الإحساس بالقدرة على تغيير حين تحققت من أرضية الملعب وأدواته , ويا لهول ما رأيت,  رأيت ملعبا شيدته السلطة لصالحها واقتطعت منه  ثلاثة أرباع لتلعب فيها  وتركت ربع او اقل للشعب والمعارضة , وفي هذه المساحة الصغيرة والهامش المتاح يوجد مرمي بحجم المساحة كلها يستطيع ان يسجل فيه هدف ابسط لاعب , بينما في جهة الأخرى حيث المساحة التابعة للسلطة  لا يوجد مرمي  لتسديد الكرات إليه ,  لان السلطة هي المسئول عن الملعب وفضلت ان تكون جهتها بلا مرمى  , فمهما سدد الشعب كرات هادفة وقوية في اتجاه السلطة تضيع تلك الكرات حيث لا مرمي تستقر فيه .

ولان السلطة مسئولة عن ترتيب الملعب جعلت الجهة التابعة لها مستوية وتتمتع بحصانة وحماية من الأمن العام والجيش ومزينة  بخطوط من المال العام , والوزراء والوكلاء والمدراء ورجال المال والأعمال يرقصون ويهتفون لصالح السلطة , وكمرات الإعلام ترقص معهم وتصور المشهد وفق رغبة السلطة , وفي المقابل فان المساحة الهامشية للشعب والمعارضة غير مستوية وكلها حفر حولها ارض  زلقة لا تخدم عملية التنافس .
واني لمستغرب كيف يقبل منافسي السلطة اللعب في ظل هذه الخصائص التي تمنح فريق السلطة تفوقا دائما تجعله قادرا على إعادة إنتاج ذات النتائج لصالحه ولا سبيل لتحقيق نصر على مرشحي السلطة ما دام هذا الوضع قائما .
فوا حزني على نفسي حين أجد نفسي أداة من أدوات قمع الإرادة الشعبية لصالح إرادة الحاكم , وكيف أكون حكما وأنا محكوم مسلوب الإرادة . والشعب فقد ثقته بي , ورغم انكشاف ضعف وقلة حيلتي وهواني على الناس , لا يزال المستفيدين من وضعي هذا يريدون الاحتكام إلى نتائجي , لأنها في وضعي الحالي  محسومة سالفا لصالحهم وهم يصرون على الاحتكام في ظل هذه الأوضاع و لا يريدون تغيير شيء , فاللعب بعد تسوية الملعب لن يكون في صالحهم أبدا,
أما أنا "صندوق الاقتراع" ومع هذا الزخم الثوري جَرَت الدماء في عروقي , ولن اقبل بعد اليوم ان أكون شريكا في جريمة  الديمقراطية المهندسة , ولن أكون شاهد زور , غادرت مربع المصادرة والارتهان , لان الشعب هب , وعن الطوق شب, فتبت يدا أبي لهب وتب



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق