الاثنين، أغسطس 08، 2011

” مشروع إفطار الثائر” يخفف حــزن اليمنيين


يوميات الثورة-الحياة اللندنية
استقبل شباب اليمن شهر رمضان هذا العام بمشاعر مختلطة من فقدان الأصدقاء والرفاق الذين سقطوا في التظاهرات والحنين إلى مساقط الرأس التي اضطر بعضهم لمغادرتها بسبب القتال.
وقال أمين (33 سنة) إنه يشعر بغصة كبيرة لأنه لن يتمكن من استعادة الأوقات الممتعة التي اعتاد أن يمضيها خلال ليالي رمضان مع صديقه المقرب عبد الباسط. «يبدو رمضان كئيباً هذا العام»، يقول أمين الذي فقد خلال الشهور الماضية عدداً من رفاقه بينهم صديقه الحميم عبد الباسط الذي قتل في ما بات يسمى بمجزرة 18 آذار (مارس) في صنعاء والتي راح ضحيتها ما يزيد على 52 متظاهراً من الشبان العزل المطالبين بإسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح.
تغيرات كبيرة طرأت على المكان وعلى علاقات اليمنيين ببعضهم بعضاً ما يجعل صورة الشهر الكريم هذا العام فاقدة لذلك الرونق المعتاد بل تهيمن عليها ذكريات الفقدان والألم والحنين خصوصاً بين أولئك الذين اعتادوا قضاء ليالي رمضان مع أشخاص معينين أو في أماكن بعينها صارت تشكل جزءاً من ذاكرتهم ومن تكوينهم العاطفي فوجدوا أنفسهم هذه المرة في حالة من الكآبة والتشوش. وقال عبود ( 20 سنة) الذي يقضي شهر رمضان في إحدى مدارس عدن التي تحولت الى مأوى للأسر النازحة من محافظة ابين، إنه لا يعرف كيف يحدد النكهة التي يحملها رمضان في ظل هذا «الوضع المزري». وزاد عبود الذي نزح وأسرته الى عدن هرباً من القتال الذي تشهده مدينة زنجبار الجنوبية بين القوات الحكومية وجماعات متشددة يعتقد بأنها من تنظيم «القاعدة»: «اعتدنا قضاء ليالي رمضان في الحارة نلعب ونلهو ونخوض المغامرات. أما هذه السنة فلا أحد من الأصدقاء هنا باستثناء صديق واحد يأوي في مدرسة بعيدة تقع في الشيخ عثمان… من أسوأ الأمور أن تقضي رمضان في غير المكان الذي ألفته».
والواضح أن الاضطراب الذي يعصف بحياة غالبية اليمنيين جراء الأزمة الناجمة عن استمرار الاحتجاجات المطالبة بتنحي الرئيس صالح وأبنائه وأقاربه عن الحكم هو من الضراوة، ما يجعل الشهر الكريم وطقوسه صعبة وقاتمة. ويتفاقم الوضع مع ما بات يطلق عليه كثيرون «العقاب الجماعي» والمتمثل بالتدهور المريع في الخدمات مثل الماء والكهرباء والوقود مقابل الارتفاع الجنوني في أسعار السلع.
وبحسب أمة اللطيف (22 سنة) التي كانت تمسك بيدها علبة زبادي وهي من السلع التي يزداد الطلب عليها في رمضان، فان «الشعور بروحانية الشهر الكريم يأتي في المقام الأول بالإضافة الى قدرة على العيش في ظل توافر الحد الأدنى من شروط الحياة الكريمة. أما أن تصوم من دون ماء في المنزل أو غاز طبخ أو كهرباء أو أن لا تستطيع توفير لوازم وجبة بسيطة فهو أمر يقتل المشاعر ويفاقم الغضب». ولفتت الى ظاهرة «التباغض التي تولدت بين اليمنيين نتيجة انقسامهم ما بين مؤيد للثورة ومناصر للنظام».
أما عادة التنزه في أوقات العصرية في ضواحي العاصمة مثل وادي ظهر، فتواجهها الصعوبات سواء نتيجة انتشار نقاط التفتيش والطرق المغلقة والمسلحين أم بسبب انعدام الوقود. فهد (27 سنة) اضطر لبيع سيارته بسبب أزمة الوقود وقال إنه يفكر جدياً بشراء دراجة هوائية لكن «جنون السائقين» في هذا البلد المعروف بارتفاع عدد ضحايا حوادث المرور يجعله يتردد في حسم خياره.
 وجديد رمضان هذا العام هو الساحات العامة حيث من المرجح أن يمضي كثيرون من المحتجين شهر الصوم في التظاهر والاعتصام الأمر الذي قد يضفي على ليالي رمضان شيئاً من البهجة والفرادة. فقضاء وقت الإفطار في الساحات يشكل فرصة لأولئك الذين يعانون للحصول على الطعام والذين جاؤوا من مناطق بعيدة ومن الأرياف وليس لهم أسر قريبة تحتضنهم. خصوصاً مع إطلاق مشاريع إفطار مثل «مشروع إفطار الثائر». أما الصعوبة الفعلية في قضاء رمضان وسط ساحات التظاهر فهي تقع على عاتق الشباب المتحررين الذين اعتادوا الإفطار في نهارات رمضان والتدخين علناً، ذلك أن سطوة الجماعات الإسلامية المتشددة التي ما لبثت تحكم سلوك الساحات وتفرض سيطرتها عليها تمثل عقبة رئيسة أمام تحرر هؤلاء من قيود الصوم مع احتمال وقوع صدامات. وكان الوضع الحالي أظهر بوضوح انقسام الجمعيات الخيرية ونشاط الساحات ما بين تابعة للحزب الحاكم وأخرى تابعة للمعارضة.
وهناك من يخشى أن يؤدي إخفاق مساعي الوفاق السياسي التي يــقودها حالياً مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الى عودة التوتر من جديد وربما القتال الأمر الذي سيجـعل من رمضـان شـهراً كارثياً بامتياز.
* الحياة اللندنية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق