السبت، أغسطس 27، 2011

العراق، مصر، سوريا، ليبيا، اليمن .. مفارقات الرؤساء العرب


يوميات الثورة/بقلم - محمود يوسف بكير ا
الشبكة العربية العالمية - أقر مقدماَ بأنني كنت أكره صدام حسين لكل ممارساته القمعية ووحشيته ووحشية أبنائه بحق الشعب العراقي، وبالرغم من هذا
فإنه لابد من الإقرار بأن الرجل لم ينسى للحظة واحدة أثناء محاكمته وحتى لحظة إعدامه أنه كان رئيس دولة فبدا شامخاَ ومتحدياَ وغير عابئ بتوجه المحكمة نحو إصدار قرار بإعدامه. وبدا شجاعاَ بشكل مذهل حتى وحبل المشنقة يلف حول رقبته بل إنه طلب من الجلاد ألا يغطي وجهه كما هو متبع وكأنه يتحدى الموت نفسه ووقف يردد الشهادة بقوة ويهتف يعيش العراق حتى لحظة موته.
أما الرئيس المخلوع مبارك فدخل المحكمة وهو نائم على ظهره مدعياَ المرض لاستدرار عطف الشعب المصري وقاضي المحكمة، لقد بدا مثل محترفي النصب والاحتيال وأنه على استعداد للتنازل عما تبقى له من كرامة وكبرياء في سبيل النجاة بحياته حتى لو انتهى به الأمر للحياة في حظيرة خنازير يعيش على الرمم ومخلفات البشر والحيوانات. وإمعاناَ في المهزلة فإن ولديه ظهرا وهما يمسكان بالقرآن بعد أن هبط عليهما الإيمان والتقوى فجأة بعد حياة حافلة بالسرقة والنهب واستغلال النفوذ بلا حدود أو حياء وكأنهما يحاولان التحايل على الله نفسه!
والأعجب من هذا أن مبارك الذي كان واضحاَ أنه يعاني من ضعف السمع حتى أنه لم يسمع نداء القاضي ولا قائمة التهم الموجهة له صاح بأعلى صوته أنه برئ من أي تهم منسوبة له عندما أبلغه أبنه بأن القاضي يسأله عن رأيه في التهم الموجهة له.
وبالرغم من كل ما فعله الرجل بمصر والمصريين على مدار 30 عاماَ فقد كان تحت الاعتقال في مستشفى دولي بشرم الشيخ حيث حجز له دور بالكامل مع طاقم أطباء وتمريض خاص به، وتم نقله بعد مهزلة المحكمة إلى أكبر وأحدث مركز طبي تابع للقوات المسلحة حيث ينعم بالعلاج الفاخر في الجناح الرئاسي بالمركز. وكأنه لا يكفي ما نهبه من ثروات تقدر بالبلايين من دماء المصريين فإنه يتم إنفاق الملايين علي علاجه وحراسته الآن في وقت لا يجد فيه الملايين من أبناء مصر الحد الأدنى للعيش الكريم أو العلاج ويموتون داخل المستشفيات الحكومية لنقص الأجهزة الطبية والأدوية.
هذا هو الرجل الذي ينشغل المجلس العسكري في مصر بحمايته وتدليله هذه الأيام.
أما في ليبيا فقد ابتلي شعبها بزعيم معتوه تنطبق عليه كل مواصفات مختلي العقول وهؤلاء عادة يعانون من مرض جنون العظمة ومركبات نقص يستحيل علاجها، وأول من شخَص أمراض ألقذافي كان أنور السادات الذي لم يكن ينعته إلا "بالولد المجنون بتاع ليبيا"
هذا الولد المجنون أهدر مئات البلايين من ثروات ليبيا في مغامرات طفولية في مجاهل لأفريقيا وعلى الساحة الدولية بحثاَ عن بطولات وهمية صورها له عقله المريض وانتهى به الجنون إلى الدخول في سراب مزين باللون الأخضر حيث الكتاب أخضر والساحة خضراء والجامع أخضر والعلم أخضر وعندما وصل إلى نهايته بعد أكثر من أربعين عام من الجري وراء الأوهام لم يجد إلا الخراب ومجموعة من الثوار الأبطال يعملون الآن بهمة وشجاعة منقطعة النظير على إفاقته من كوابيسه وإنقاذ ليبيا من جنونه.
تحية كبيرة إلى أبطال ليبيا أصحاب الثورة المعجزة التي قضت على واحد من أكبر الطغاة في العصر الحديث ولنا رجاء واحد عندهم وهو ألا ينسوا أن يضعوا الولد المجنون عند إلقاء القبض عليه في صندوق قمامة أخضر اللون.
وأما في سوريا ومنذ أيام قليلة فقد أطل علينا أجبن أسد على وجه الأرض من خلال مقابلة تليفزيونية رديئة الإخراج رغم إنها معدة سلفاَ. توقعنا أن نرى شيئاَ جديداَ ولكن هيهات فقد ظهر الأسد بملامحه المتخشبة والتفاتاته وحركات يديه التي تشبه حركات الإنسان الآلي وهو يتحدث بطريقة فوقية.  كان واضحاَ أن الأمن السوري هو الذي وضع أسئلة المقابلة وهو الذي وضع الإجابات أيضاَ أما الأسد فقد تولى عملية الإلقاء وكأننا في أحد محاضراته المملة أمام منافقي حزب البعث الذين يتوشحون بالصمت الجليل لدى سماعه وكأنهم في حضرة الإله، وكالعادة فإن الأسد كان يتحدث بغرور شديد وبلغة العالم بكل بواطن الأمور وأنه الوحيد الذي يفهم والعالم كله يعاني من الغباء المفرط بكل أسف. وقد انتبتني حالة من الدهشة والأسى    لدى سماعه وهو يؤكد على أنه لا يشعر بأي نوع من القلق مما يحدث في سوريا!!
التعليق على ما أدلى به الأسد يعتبر مضيعة للوقت لأن ما قاله لا يرقى لأي نوع من التحليل ولكنه كان مادة خصبة للتندر فمثلاَ ذكر أن قوات أمنه حققت إنجازاَ كبيراَ ولكنه لن يستطيع التحدث عنه!! بالطبع لن يستطيع التحدث عن إنجازات الأمن والجيش والشبيحة والتي تتمثل في قتل وإصابة واعتقال عشرات الآلاف من السوريين وهم يتظاهرون سلميا.
تحدث عن أن نظامه يقوم بتشكيل لجان وفرق وورش عمل من كوادر حزب البعث وأنهم بصدد إصدار قوانين وقرارات ومراسيم هدفها الإصلاح!!
والمفارقة أن الرجل الخشبي يتحدث عن الإصلاح وهو ينكر على السوريين أبسط مبادئ حقوق الإنسان ألا وهي حرية التعبير عن أرائهم في مظاهرات سلمية.
والخلاصة أن الرجل ذو الفكر المتصلب أثبت للمرة الألف أنه غير قابل للتغيير وأنه متشبث بالسلطة وأنه لا يقل دموية عن أبيه وهو يعتقد أن نهج العنف المفرط مع الشعب السوري مع رفع بعض الشعارات الكاذبة مثل سياسة المقاومة لإسرائيل وأمريكا وهذا الكلام الفارغ من أي مضمون أو سياسات عملية كفيل بإبقائه في السلطة، وهو بهذا يمتهن ذكاء وفطنة الشعب السوري، ويثبت أنه يعاني من حالة غباء حادة وأنه لم يأخذ أي عبرة مما حدث مع طغاة تونس ومصر وليبيا وأنه يسرع الخطى نحو نهاية مأساوية.
أما الرئيس علي عبد الله صالح فإنه لم يفهم الحكمة الإلهية من جراء تعرضه للحرق حيث أتاحت محاولة اغتياله فرصة ذهبية له للخروج من اليمن بشكل سلمي وكريم إلى حدٍ ما ولازالت الفرصة سانحة له للإقامة الدائمة في السعودية ومنح أبناء اليمن الفرصة لإعادة بنائه من جديد بعد كل ماحاك به من خراب على يد الأخ الرئيس.
لكن يبدو أن الأخ علي عبد الله صالح مصمم على المضي في غيه وبث سمومه لتشتيت أبناء الشعب اليمني والاستمتاع بإشاعة حالة من عدم الاستقرار بينهم حيث صرح مؤخرا أنه كان ينتوي التنحي قبل محاولة اغتياله ولكنه الآن يرغب في العودة لليمن من أجل أن يضحي من أجل الشعب! وواضح أنه يعني العكس تماماَ لأنه يعرف جيدا أن عودته لليمن ستؤدي إلى حرب أهلية وإحراق ما تبقى من اليمن وهو بهذا يرغب في الانتقام من الشعب كله.
الأخ علي عبد الله صالح يبدو أنه لم يدرك حتى الآن أنه قبل أن يتعرض للحرق البدني قد احترق بالكامل معنوياَ في اليمن حتى بين أبناء عشيرته، وكل القبائل التي كانت تؤيده تشعر الآن أنه أصبح عبئاَ ثقيلاَ عليها.

ولأنه لا فائدة من مطالبة هذا الطاغية العنيد بالتعقل فإننا نناشد الحكومة السعودية أن تمنعه من ممارسة جنونه وعناده وأن تتحفظ عليه داخل أراضيها رأفة بأبناء الشعب اليمني الذي يعاني في صمت منذ عقود.

لا نشك للحظة في انتصار إرادة الشعوب ونبشر أبطال ليبيا وسوريا واليمن بنصر قريب بمشيئة الله.

 الشبكة العربية العالمية

محمود يوسف بكير

مستشار اقتصادي مصري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق