الخميس، يونيو 23، 2011

هؤلاء هم مصدر الشرور في كل زمان


كتب /صادق عبد الرزاق العامري
 ضرب الله مثلاً لرجلين , فوصف الأول بالأبكم الذي لا يقدر على شيء ووصف الآخر بالرجل الذي يأمر بالعدل , قال تعالى: { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ... أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (النحل:76). فالرجل الأول أبكم , وفي اللغة يقولون : إن الأبكم من ولد أخرسا , وقول آخر: إن الأبكم ينطق , ولكن لا يحسن الكلام والجواب , لضعف إدراكه . ويبدو أن القول الثاني هو الأصح الصائب , فالله وصف به الكفار بقوله تعالى: { صم بكم عمي } البقرة (18) , ومع ذلك هم ينطقون ويبصرون , وبذلك ينصرف المعنى إلى عدم الإدراك والتبصر , فحاشاه سبحانه وتعالى أن يحتقر أخرساً على أمر لا حول له فيه ولا قوة , إنما التحقير لمن لا يحسن الإفادة من لسانه وسمعه وبصره وعقله , ولا يستخدمها في إصلاح شأن مجتمعه بالأمر بالعدل , فهو على هذه الحالة والصفة لا يأتي بخير , عاجز عن نفع نفسه , لانعدام قدرته على الإدراك والمفاضلة بين الأشياء والأفكار , ووصفه بعدم القدرة على فعل شيء ينصرف إلى الأفعال الإيجابية المؤثرة على حياته وعلى مجتمعه , دون سواها من الأفعال الغرائزية الحيوانية , كالمأكل والمشرب وما في حكمهما من الأفعال التي يقدر عليها الإنسان وسائر الأنعام والبهائم , فهذه الأفعال التي يشترك فيها الإنسان والحيوان خارجة على المقصود في قوله تعالى: { لا يقدر على شيء} , ولا يقف الأمر عند حد العجز فحسب , بل يحوله عجزه وانعدام فهمه إلى عالة ومشكلة وثقل وعائق مجتمعي أمام مشاريع النهضة والتنوير والتحديث والتطوير , لكونه بهائمي وحيواني , فهو ينقاد من بطنه , ورأسه في معدته , وهو بذلك جندي فاعل في إطار المشاريع البهائمية الحيوانية , التي تدمر ولا تبني ؛ فهذا المخلوق البهائمي سند ورقم تعتمد عليه أنظمة الحكم الفاسدة البهائمية في استمرار حكمهما وسيطرتها على مقدرات شعوبها , فإدراكه لمصلحته لا تتجاوز شهواته الحيوانية , لذلك هو كل وثقل على المجتمع , ولا يأتي بخير , بل هو مصدر الشرور في كل زمان ومكان . إن أنظمة الحكم المستبدة تهيئ المناخ الخصب لتكاثر هذا النوع البهائمي من بني البشر , لسهولة توجيههم حيث تشاء , وكيفما تشاء , وفي اللحظة الزمنية التي تشاء , فلا إرادة لهم , ولا رأي إلا ما يراه الحاكم ,وفي المقابل يعمل نظام الحكم على تهيئة مناخٍ خنقٍ لنوع الرجل الثاني الذي يأمر بالعدل , فنوعية الرجل الثاني لا يطيقها المستبد , ويتملكه جموح الرغبة في التخلص من هذه النوعية , التي تشكل إزعاجاً وقلقاً للمستبد , ومصدر خطر يهدد كيانه وسلطته . ملاحظة: (النص من كتابي صناعة القيادة الجماهيرية (الكتاب ممنوع من النشر , ولا يزال رهن الاعتقال) ) – صادق العامري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق