الخميس، يونيو 23، 2011

عودة صالح كورقة للمناورة والابتزاز


بقلم عادل أمين /يوميات الثورة -الصحوة نت
بقايا نظام علي صالح المتهالك ما يزال يلعب ببعض الكروت والأوراق منتهية الصلاحية التي لاتسمن ولا تغني من جوع, ولكنها حيلة اليائس الغريق الذي يتعلق بقشة, أحد هذه الأوراق التي يحاول بواسطتها الحفاظ على تماسك النظام المنهار والإبقاء على ولاء أنصاره وما بقي من أعضاء حزبه الذين عصفت بهم فاجعة إصابة الرئيس في قصره ومن مأمنه, فباتوا يرقبون مصيره ليقرروا مصيرهم, هي ورقة الرئيس ذاته, الذي تحول بين عشية وضحاها إلى مجرد ورقة يناور بها حزبه, ليلم بها شتاته ويوقف نزيفه وتداعيه! فهم يجهدون ويكافحون في محاولة إقناع أنصاره بأنه ما يزال حياً يرزق, وأنه سيعود في القريب العاجل ليواصل قيادة سفينة الوطن التي كادت تغرق في ظل قيادته الحكيمة التي أخفقت طيلة ثلاثة وثلاثين عاماً في الوصول إلى شاطئ الأمان, هكذا وبكل بساطة يتحدثون عن عودة الرجل وكأنه يتنزه الآن  في جزيرة سقطرى هرباً من صيف صنعاء وعدن! أو كأنه في رحلة علاجية معتادة في أحد مشافي ألمانيا حيث تعود أن يحط رحله كلما داهمه المرض, وكأن لا وجود لثورة شعبية عارمة في الشارع اليمني ترفض عودته وتكافح لإسقاطه منذ أزيد من أربعة أشهر, أو لكأن قرار خروجه ورجوعه هو بيد هذا الحزب (المؤتمر) الذي مازال يتوهم بأنه الحاكم بأمر الله في هذه البلاد, وأنه سيبقى متربعاً على سدة الحكم ما بقي الليل والنهار!
يدرك فلول النظام المتهاوي وبقايا أركان السلطة المتهالكة أن سقوط ورقة الرئيس صالح وخروجه من المسرح السياسي اليمني بصورة أو بأخرى سيعني بالضرورة تهدم دعائم نظام سياسي طالما ظلوا عليه محافظين, وظل هو محافظاً على مصالحهم طوال تلك السنين التي مرت, فالذي لم يغتنِ ويثرَ في عهد علي عبدالله صالح متى سيفعل ذلك, حد قول باجمّال؟! إنها مسألة حياة أو موت بالنسبة لهم, نكون أو لا نكون, تلك هي معركتهم الأخيرة والفاصلة التي يستميتون لأجلها, لذا نجدهم يجهدون في ترويج تقارير ملفقة ومناقضة بصورة فجة وبائسة لكل التقارير الطبية التي ترد عن المصادر السعودية التي تؤكد تدهور حالة صالح من سيء إلى أسوأ, فيما هؤلاء يصرون على القول بأن حالته في تحسن مستمر, وهم يعلمون أن لا أحد منهم سُمح له حتى بمجرد الوقوف على باب الغرفة (المفترضة) لرقود الرئيس, فكل المسئولين اليمنيين الذين حاولوا الاطمئنان على صحته ومعرفة مصيره بمن فيهم سفير اليمن في السعودية دُفِعوا من الأبواب وعادوا أدراجهم مدحورين, وقيل لهم هذا ليس شأنكم, بل شأن الدول المضيفة والراعية والمدبرة لشئونكم, بينما يتبارى المسئولون اليمنيون الذين لا حول لهم ولا قوة في إطلاق التصريحات المبشرة بعودة صالح في الوقت الذي يجهلون مكانه فضلاً عن معرفة مصيره, أو أنهم يعرفون بالفعل لكنهم يتكتمون لضرورات المرحلة, حتى لا تفوتهم حكومة الوفاق الوطني التي يفاوض بشأنها أمين عام المؤتمر أقطاب المشترك في الخارج.
منذ الوهلة الأولى لوقوع التفجير الذي استهدف صالحاً وأركان حكمه, بدا حزبه مرتبكاً وغير مصدق لما جرى, فذهب يهوّن الأمر, ويطلق الأقاويل المطمئنة التي تصف ما جرى للرئيس بأنه لا يعدو مجرد خدوش وإصابات طفيفة سيتعافى منها قريباً, ودعموا ذلك بتسجيل منسوب للرئيس تؤكد كل الدلائل استحالة نسبته إليه في مثل تلك الظروف الحرجة, وحين أذاعوا نبأ مغادرته إلى السعودية لتلقي العلاج قالوا بأنه نزل من الطائرة على قدميه, في حين أكد مصدر سعودي مطلع بأن صالح وصل محمولاً, وأن حالته أسوأ مما كانوا يظنون, وفيما قال أنصاره بأن عمليات جراحية أجريت له تكللت بالنجاح, وأنه خرج من غرفة العناية الفائقة على أحسن ما يرام, وذهبوا يحتفلون على طريقتهم الخاصة في قتل الناس وإذائهم وإرهابهم, خرجت التقارير الطبية لتؤكد أن 40% من جسده يعاني من حروق, بالإضافة إلى تعرضه إلى شظايا في صدره وحروق في وجهه, وهو ما حدا بمصدر سعودي فضل عدم الكشف عن نفسه للقول بأن صالح لن يعود إلى اليمن, فماذا قصد من ذلك؟ ربما الأمر لا يقف عند حدود الحالة الصحية السيئة لصالح, وأن وراء الأكمة ما وراءها. لكن زبانية النظام عادوا من النافذة الخلفية لجريمة الاغتيال, فزعموا أنهم قبضوا على حوالي ستين مشتبهاً به بمحاولة اغتيال صالح جلهم من عناصر الإخوان وتنظيم القاعدة المتحالفين معاً لإسقاط النظام حد وصف المصدر الحكومي, ثم حاولوا الربط بين ذلك كله من خلال الزعم بوجود دعم خارجي قطري يمر عبر سفير اليمن السابق في مصر ويصل إلى اليمن لتمويل قادة عسكريين وتغذية انشقاقهم عن الجيش!! بالنسبة لهم, لا يهمهم ما يقولونه بحق المعارضة وإن كان يفتقر لأبسط معايير القيم الأخلاقية والقانونية, المهم أن يُبقوا المعارضة تحت طائلة التهديد والابتزاز ليضمنوا مشاركتهم في أي حكومة قادمة بعد أن يصير غياب صالح عن الساحة أمراً مفروغاً منه, إنهم يخشون الإقصاء كما فعلوا هم بغيرهم, ويريدون أن يحجزوا مقاعدهم من الآن في حكومة الوفاق الوطني القادمة مهما كلف الأمر, وإن تطلب ذلك تلفيق التهم وإطلاقها يمنياً وشمالاً دون أدلة أو أية مستندات قانونية. وما لم تذعن المعارضة فسيعودن للتشبث بمسألة عودة صالح الافتراضية من منفاه العلاجي, وسيعيقون عملية نقل السلطة بذريعة أنها أمر يخص صالحا  وحده, ومادامت الدول الراعية لا تحبذ حتى الآن الإعلان عن الوضع الحقيقي لصالح فسيظل الأمر مسلياً ومفيداً للمؤتمر وبقايا رموز السلطة لمواصلة ابتزاز المعارضة والضغط عليها بورقة عودة صالح لمزاولة مسئولياته كرئيس للبلاد وإن تطلب الأمر انتظار عودته إلى أجل غير مسمى, إلى أن يتدخل شركاء اليمن في المحيطين الإقليمي والدولي ويقرروا وضع نهاية لهذه المهزلة, ويحسموا مسألة بقاء صالح من عدمه ويعلنوا صراحة ما إذا كان الرجل ميتاً أو حياً يُرزق, وما إذا كان قادراً على الاستمرار في إدارة شئون البلاد وهل مازال الأمر من حقه أم أن الثورة الشعبية التي يتحاشون الاعتراف بها جبّت حقبة صالح وجعلته شيئاً من الماضي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق