الأحد، يونيو 26، 2011

حورية مشهور تكتب عن "اليمن وحالة الرئيس"

يوميات الثورة/بقلم/ حورية مشهور
تدور في الساحة الوطنية أسئلة كثيرة حول حالة الرئيس ، ومن هم أصحاب المصلحة في إخفاء هذه الحالة وما هي علاقة اليمنيين عامة بهذا الموضوع وما هي علاقة القوى السياسية و الثورية تحديداً ؟ وما هي تبعات هذا التكتم على الوطن وما هي السيناريوهات المتاحة أمام كافة الأطراف ؟

بداية يمكن الاستنتاج بأن حالة الرئيس غير جيدة إطلاقاً خلافاً لما يردده بقايا النظام ، ولو كان الرئيس كما تردد يعاني فقط من حروق وبأنه في حالة لا تسمح له بالظهور العام ، لكان شنف أسماع أتباعه الذين يتشوقون لسماع كلمة واحدة فقط منه لا خطاب بحجم خطابات السبعين الأخيرة التي كانت تمتد ما بين دقيقتين إلى ثلاث دقائق فحسب.
أما بالنسبة للثوريين ولعامة المواطنيين على طول الوطن فقد كان مطلبهم الأساس هو رحيل الرئيس ونظامه الذي امتد لأكثر من ثلاثة عقود مخلفاً الكثير من المآسي للوطن والمواطن وبالطبع لا يسعدهم رؤيته أو سماع صوته.
بيت القصيد في الموضوع أنه لا يحق لكائنٍ من كان أن يخفي هذا الشأن بمن فيهم أفراد أسرته المتكتمين على حالته بتنسيق مع المملكة العربية السعودية و قادة مجلس التعاون الخليجي وربما الحلقة الضيقة جداًجداً من أركان هذا النظام المتهاوي . لا يحق لهم إخفاء هذا الأمر لأنه ليس شأناً خاصاً أو أسرياً وحياته أو مماته ليست مرتبطة بالأسرة فحسب بل مرتبطة بعموم الوطن والترتيبات اللاحقة الدستورية والسياسية بناءً على هذه الحالة.
الإدارة الأمريكية والأوروبيون أيضاً- يقيناً - على علم بحالته مع حرص على ألا تصل هذه المعلومات للرأي العام والإعلام في هذه الدول لأنه يبدو وكأنه اتفاق ضمني بينهم وبين السعودية وأسرة الرئيس دون اعتبار للمواطن اليمني وحاجته لهذه المعرفة لا تطفلاً أو فضولاً ولكن لأسباب قوية جداً تتعلق بالمواطن ذاته وبالرابطة التي تربطه برئيسه ( العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم) وإعادة ترتيب البيت اليمني بناءً على هذه الحالة .
وإخفاء حالة الرئيس عن مواطنيه عمل غير أخلاقي بكل المقاييس ، ينطوي على غش وتدليس وكذب وتزييف تمارسه الأنظمة العربية دون وجل أو خجل ، إلا أنه لايستقيم ولا يتفق وقيم المجتمعات الغربية القائمة على الشفافية والمصداقية والنزاهة والحكم الرشيد ، وإن كانت الدوائر الغربية غير مسؤولة بصورة مباشرة عن الأمر إلا أنها تتحمل جزء من المسؤولية بصمتها وسكوتها عن وضعٍ غير سوي.
وكل من العارفين يتكتم لأغراض ما . فأسرة الرئيس يتكتمون لأنهم بحاجة إلى الوقت لترتيبات ما و لتعطيل تطبيق الدستور في نقل السلطات للنائب وتطبيق البند الأول في المبادرة الخليجية ، موجهين الآلة الإعلامية الرسمية لترديد رسائل بعينها مفادها أن الرئيس عائد وأن ترتيبات الشأن اليمني سيتم بعد عودته . ولكن ماذا لو كان الرجل قد مات فعلاً أو في حالة موت سريري أو حتى عجز جزئي أو كلي كما تردد وتسرب من مصادر مستقلة وأجنبية بل وحتى من الرياض محل تواجده ، ووضعه لا يمكّنه من الاستمرار في إدارة شئون البلاد فلن يسعفهم الوقت كثيراً حيث أننا الآن في مطلع الأسبوع الرابع وما عليهم إلا ترتيب أوراقهم بعيداً عن أي ترتيبات ذات علاقة بالتشبث بالسلطة لأن هذا طريق مسدود في ظل الثورة والغليان الشعبي المتنامي ، وعليهم الإذعان للأمر الواقع وتجنب المكابرة الخاسرة.
نائب الرئيس وضمن الترتيبات المرتبطة بحالة الرئيس ، مفروض في هذه المرحلة التأريخية أن يكون لديه القدرة والإمكانية لأن يلعب دوراً منتظراً ومتوقعاً منه وقد توفرت له كثير من الظروف والتطمينات من مختلف الأطراف الداخلية والخارجية ، ولكنه ما زال يراوح ذات المكان والزمان . ولا نعلم حقاً إن كان على معرفة بحالة الرئيس أم لا بالرغم من أنه قال بعد مغادرة الرئيس بيوم واحد فقط بأنه قد كلمه في الصباح والمساء وحالته جيدة في الوقت الذي كانت فيه بعض الأخبار المسربة من مصادر عربية وأجنبية تشير إلى أن وضع الرجل حرجاً أو سيئاً ، وبعدها لم نسمع مرة أخرى من النائب أنه كلمه أو اتصل به ، فإن كان على علمٍ بأن الرئيس قد رحل أو أنه عاجزعن القيام بمهامه فلابد له من استلام صلاحياته وممارستها متحملاً المسؤولية والأمانة أمام الله أولاً وأمام الشعب ثانياً ، وإن لم يكن يعلم وهو نائب رئيس ويكتمون الحقيقة عنه " فالمصيبة أعظم أوأفضع " !!!
السياسيون وخاصة المعارضة وعلى وجه التحديد اللقاء المشترك أمامهم الكثير من الحدود والقيود وضعها اللاعبون الإقليميون والدوليون ومازالوا مرتهنيين لمراكز القوى المحلية ومدركيين لتبعات التقدم نحو الأمام دون التوافق مع تلك القوى الداخلية والخارجية . ويبدو أنهم أكثر الأطراف التي ستسعى أسرة الرئيس لإخفاء أمره عنها ، لأنهم في نظرهم هم المتربصون بهم والساعون للإنقضاض على السلطة والثروة ، مع إنها في الأصل ثروة الشعب وسلطة الشعب ، والشعب حر في ثروته وسلطته يضعها أمانة عند من يستطيع أن يديرها للصالح العام والمنفعة العامة وينزعها عنه متى شعر بخيانة تلك الأمانة . وعليهم بهذا الصدد أما الضغط على النائب وبأسرع وقت ممكن لاستلام السلطة أو إعطاء الضوء الأخضر لشبابهم وجماهيرهم للالتحام مع شباب وجماهير الثورة للإعلان عن مشروعهم الثوري بتشكيل مجلس انتقالي يسد الفراغ السياسي والدستوري الذي يهوي بالبلاد إلى الهاوية أمام أنظار الجميع.
وإذا كانت مغادرة الرئيس للبلاد في 4 يونيو قد وفرت لهم الفرصة لأن يتصرفوا على النحو الذي كانت تتوقعه جماهيرهم والساحة الوطنية عموماً منهم فقد شعرت تلك الجماهير بالخذلان بل وصدمت من ترددهم وتباطؤ ردود فعلهم من التعاطي مع الحدث بالتسريع في سد الفراغ الدستوري إما عبر المسار السياسيي / الدستوري كما أسلفنا أو بتشجيع المسار الثوري وتشكيل المجلس الانتقالي.
المواطنون نفذ صبرهم من هكذا فراغ ، وهكذا وضع يعطل بصورة عمدية ، قصدية كل أشكال الحياة الطبيعية في العمل والانتاج والاستقرار ، ويدركون بأن النظام وضعهم أمام خيارين لا ثالث له إما أحكمكم أو أخنقكم . هم أيضاً يريدون أن يعرفوا رؤوسهم من أرجلهم – حد المثل الشعبي- ليرسوا لهم على بر. وجلهم قد سئموا نظاماً واحداً وريئساً واحداً لأكثر من 3 عقود ، وبالتالي فإنهم يتوقون للتغيير ، ويميلون للمسار الثوري في هذا التغيير وما زالوا على استعداد لتحمل التضحيات من أجل هذا التغيير. ولذا لا مجال لأن يراهن بقايا النظام على فتور همة المواطنيين وقتلهم جوعاً وعطشاً والتضييق عليهم في كل مناحي الحياة . ورفع كلفة هذا التغيير بتحميل المواطن فاتورته الباهضة من راحته وسكينته وانتهاك حقوقه الأساسية.
الثوار هم أكثرمكونات الساحة الوطنية ديناميكية و ما زالت أمامهم خيارات كثيرة ، والمحدد الوحيد لحركتهم هو محاولات المعارضة المتكررة – من خلال استخدام شبابها – ضبط إيقاع الشباب وكبح جماح تقدمهم بغرض إعطاء الفرصة للمسار السياسي والتخوف من تكلفة المسار الثوري غير المحسوبة. وهم أي الثوار لا يفرق معهم كثيراً حياة الرئيس أو عجزه أو رحيله لأنهم حينما بدأوا مشروعهم الثوري في التغيير كان الرئيس في أوج قوته ومتحدياً للقوى الوطنية والإقليمية والدولية ومخططاً هو وحزبه لاستكمال مشروعه في التمديد والتوريث الذي تراجع عنه تحت وطأة المد الثوري . ومطلبهم الثاني بعد المطلب الأول هو الشروع بتكوين هيئات ومؤسسات المرحلة اللاحقة لرحيل النظام وأهمها تكوين المجلس الانتقالي ولجنة إعداد أو تعديل دستور ولجنة عليا لإدارة انتخابات حرة ونزيهة والشروع الفوري في بناء الدولة المدنية الحديثة ، دولة سيادة النظام والقانون والمواطنة المتساوية ومنع احتكار أسرة أو قبيلة أو فئة أومجموعة للسلطة والثروة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق