الثلاثاء، يونيو 28، 2011

عيدروس النقيب يكتب عن "المتاجرة بآلام الشعب"


يوميات الثورة/ كتابات د.عيدروس النقيب
ما يزال الوضع السريالي هو السائد في الحياة السياسية اليمنية حيث الشعب الذي هو بموجب الدستور اليمني وكل دساتير الدنيا مصدر السلطات، ما يزال مقموعا ومنسيا ومتجاهلا (بفتح الهاء)، حتى وقد خرج عن بكرة أبيه في طول الجمهورية وعرضها يرفض النظام القائم أو ما تبقى منه، وينادي بإسقاطه، بينما تتشبث بقايا هذا النظام بكرسي السلطة وتجعله ديدنها الأساسي وهي قد أظهرت عجزا ليس فقط في حفظ النظام والقانون وحماية أمن البلد وكرامة المواطن بل وحتى في حماية زعمائها وهي الوظيفة التي صارت هما أولا وأخيرا لتلك الأجهزة.
لم تتوقف بقايا أجهزة السلطة عن وظيفتها الدستورية فقط، ولم تكتف بتعطيل وظيفة أجهزة الدولة الخدمية والأمنية والاقتصادية بل لقد تمادت في تخريب الحياة المدنية من خلال تخصيص جماعات تابعة لها، لإرباك الحياة المدنية في بعض المحافظات وتسليم تلك الجماعات عواصم المدن في خطوة عقابية تجاه الشعب الذي خرج يعبر عن رفضه لهذا النظام والمطالبة بتغييره.
ولم تكتف بقايا أجهزة النظام المتهاوي بكل ذلك، بل راحت تعاقب الشعب اليمني من خلال إخفاء الحاجيات الضرورية للمواطنين من وقود البترول والغاز والديزل، والتحول إلى المتاجرة بها عبر السوق السوداء ، فضلا عن قطع المياه والكهرباء عن المدن الرئيسية وفي مقدمتها العاصمة صنعاء وعدن وتعز والحديدة وإب، وغيرها في مظهر للعقاب الجماعي تجاه الشعب الذي خرج ليقول لا للظلم ، لا للقمع، لا لمصادرة الوطن وتحويله إلى عزبة للحاكم وأولاده.
بقايا النظام تمارس أبشع صور المتاجرة غير الشريفة بمعاناة الشعب، فهي إذ تخفي السلع وتوقف الخدمات وتتاجر بها في السوق السوداء ليحقق قادتها أعلى مستويات الربح القذر، فإنها بنفس الوقت تمارس أسوأ صور الابتزاز السياسي تجاه المواطن، إذ تبعث له رسالة مفادها: إما أن تقبلوا بنا حكاما عليكم إلى الأبد بقذاراتنا وفشلنا وظلمنا وعنجهيتنا، وإما أن نحرمكم من كل ما تحتاجونه عقابا لكم على حلمكم بالتحرر من قبضتنا!
لكن شعبنا اليمني من أقصاه إلى أقصاه قد فهم الرسالة، واستكشف مضامينها ورد على مرسليها بأنه قرر أن يتحمل كل معاناة من أجل أن يرحل الطغيان من بلاده إلى الأبد ويستعيد الشعب كرامته وعزته مهما كلفه ذلك من ثمن.
بقي أن يفهم هؤلاء أنهم قد يعاقبون الشعب مؤقتا بإشاعتهم للفوضى والمتاجرة بآلامه ومعاناته، لكنهم لن يبقوا إلى الأبد ممسكين بنقاط القوة والتفوق، فالشعب لديه من القوة ما ليس لدى الطغاة وهي قوة الإرادة والعزة والكرامة والطموح إلى المستقبل المشرق وهي أسلحة أمضى من المدفع والدبابة والصاروخ، . . أسلحة لا يمتلكها النظام أو من تبقى من سدنته.
برقيات:
تعقيبا على قول أحد إعلاميي السلطة بأن الرئيس سيظهر خلال ساعات قال أحد الطرفاء: لقد قالوا أنه سيعقد مؤتمرا صحفيا خلال ساعات من حادثة مسجد النهدين، ونحن ما نزال ننتظر هذه الساعات بعد أسابيع التي قد تطول إلى أشهر.
كان سؤالا ذكيا ذلك الذي وجهه مذيع قناة الجزيرة لأحد إعلاميي السلطة الذي كان يتبجح بأن علي صالح منتخب من الشعب، عندما سأله : هل الملايين التي تبات في الشوارع رافضة لنظام علي صالح من الشعب أم من خارج الشعب؟
يقو الشاعر العباسي الحبيب بن أوس أبو تمام:
إذا جَارَيْتَ في خُلُقٍ دَنِـــــــيئاً فأنتَ ومنْ تجارِيه سواءُ
رأيتُ الحرَّ يجتنبُ المخازي ويَحْمِيهِ عنِ الغَدْرِ الوَفاءُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق