الأربعاء، يونيو 22، 2011

خواطر حول الثورة السلمية


جلال محمد الحجري*

عاشت وتعيش اليمن - كبعض الأقطار العربية- سلسلة من الماسي والنكبات في العهد الراهن كان لها أسوأ الأثر على تقدمها وفرض وجودها المادي والحضاري في المنطقة والعالم فخلال العقدين أو الثلاثة الماضية لم تظهر اليمن على الساحة الإقليمية كدولة متقدمة بل على العكس ظهرت دولة متخلفة تسودها- أزمات مصطنعة- في مايسمى بالإرهاب والحرب الطائفية والرغبة في التشطير إضافة إلى الثالوث المدمر الجوع والفقر والمرض والانتكاسة في شتى صنوف الحياة ( التعليمية, والاقتصادية ,السياسية ,الصحية.....)حتى كادت أن تغرق اليمن وتختفي وراء حجب كثيفة من الظلام واليأس.

وحتى لا أطيل في توصيف الوضع فالواقع خير شاهد - لمن كان له قلب أو ألقى السمع-.
هاهي الشعوب تكافح لتتنفس الصعداء بعد أن جثمت على صدرها وخنقتها عصابات الفساد , تسرق وتنهب لتدخر أقوات الشعوب المغلوبة على أمرها,هذه الشعوب التي كانت تتجرع الأسى, وتكابد الصمت, وتعيش في صراع من أجل البقاء,والتي إذا فكرت برفع صوتها لتصدح بالحق ,كممت أفواهها ,وحبست أنفاسها , وكيل لها وابلا من الاتهامات وسيلا من الانتقادات- الخروج- الخيانة – الانقلاب- الردة- الإرهاب.....وهكذا حتى أخافوا المصلح ,وأوقفوا الناصح ,ليزداد الظلم ,ويستشري الفساد, حتى أصبح الحق باطلا والباطل حقا.
عزيزي القارئ: إن عجلة التاريخ تعرج بنا نحو منعطف الحرية والكرامة وهاهم اليمنيون يسطرون تاريخهم المجيد ويبنوا مستقبل أجيالهم وهم قاب قسين أو أدنى من ذلك ,تحقيق ذلك الحلم الذي ظل يراودهم ردحا من الزمن .
جاءت فكرة المظاهرات السلمية والتي كانت إرهاصاتها في بلادنا .ليأتي بعدها أبو عزيزي ويشعل فتيلها ويفجر بركانها فهبت رياحها عاصفة فتتفجر الصمت, وصدحت الحناجر بأصوات تزلزل الجبال وتناطح الصخر(الشعب يريد تغيير النظام )في رغبة شعبية عارمة نحو فجر جديد طال سداه. تلك المظاهرات السلمية التي هزت أركان الزعامات العربية هزا عنيفا فأطاحت بابن علي ومبارك وهاهي تعصف في صالح والأسد والقذافي معلنة بداية مشرقة لنهاية مظلمة من تاريخها.
اتنتفضت الشعوب مطالبة بحقها في الحياة, والعيش الكريم تاركة وراءها مخلفاتها ,وماذا يمكن ان نسميهم بعد مباركة الثوره من جل أطياف المجتمع ان لم نقل كله -العلماء- الجيش - القبائل – الاكاديميين والمثقفين – مؤسسات المجتمع المدني – النقابات العمالية والمهنية....وأقصد بتلك المخلفات من يقفون في ركاب الباطل ويسيرون معه كالعميان . همهم الأول والأخير التحدي والمكابرة ... لا يفكرون ولو لحظة لينطلقوا من الواقع ويحكموا عليه .أصاحب حسابات حزبية, ورؤى ضيقة ,عقولهم بأيدي غيرهم ,يتأثرون بأشخاص لهم مصالحهم وحساباتهم, يسيرونهم يمنة ويسرة أحيانا بالمال –وأحيانا بالعاطفة والإشاعة... - فيدافعون عن االباطل وينتصرون له ,ويجادلون ويشتمون وو... بل وحتى يقتلون .. في سبيل اللا شي , ختم الله على سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة.مع أن الحق أبلج وواضح وضوح الشمس في كبد السماء وإلا كيف يقفون في صف شخص ويتركون شعبا أذاقه قائده الويلات خلال ثلاثة عقود مضت والان يقتل ويسفك الدماء صباح مساء في كل المدن وعلى مرأى ومسمع من العالم ,ومؤيدوه في غيبوبة من اللا وعي لن يفيقوا من تلك الغيبوبة إلا بعد الا بعد انتصار الثورة ليعرفوا بعدها الفرق بين اليمن قبل الثورة وبعدها, وليدركوا أنهم كانوا في قبو من التعمية ولجج من الظلام الفكري , وفي هذا الاطار صنف صانعوا الثورات- في كل زمان ومكان- المتقاعسين عن الانضمام في ركاب الثورات الشعبية إلى ثلاثة أصناف هي:
عارف خائف, صاحب مصلحة يخاف من أن يفقد مصلحته ومنصبه... وهو صاحب مال وجاه وهذا يهمه نفسه ولا يهمه غيره وإن هلك من هلك.
متعصب جائف, اشرب في قلبه العصبية والحقد ضد الآخر يرفض الحق وإن كان بينا ويقبل الباطل وان كان جليا.مستعد لفعل أي شيء-على علاته- في سبيل عصبيته.
جاهل امي, يتأثر بالعاطفة ويدور مع الزجاجة حيث دارت ,لم تعركه الحياة بثقافتها, ولا يعرف موقعه من العالم ,لا يفكر ولا يتاح له ذلك . وغالبا مايكون هؤلاء من أصحاب الطبقة المسحوقة (الأشد فقرا).

وهكذا يمكن أن نخرج من هذا التصنيف بالطبقة الوسطى وقد صُنفوا ووصًًًفوا بأنهم( صانعوا الثورات )وغالبا ماتكون هذه الفئة متربعة على أكثر أعمال ووظائف المجتمع وتكاد تكون الشريحة الأكبر .
وقصارى القول في هذا يكمن في التفريق بين عقول وأصوات من سبق الفريقين ليتضح لنا من هم أصحاب العقول الجامدة والمتحجرة, ومن هم أصحاب العقول النيرة والمتقدة, كما يمكن بجلاء التفريق بين أصوات النضال وأصوات الانهزام.


_____________________________________________________
*معيد بقسم اللغة العربية ـ جامعة إب...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق