الخميس، يونيو 02، 2011

الأرقام المخيفة

عبدالحفيظ احمد العمري
"كان أحمد داوود أوغلو وزير الشئون الخارجية التركي، في حوار له مع صحيفة يمنية، قد قال ان من كان اقتصاده فاشلا بعد ثلاثين سنة من الحكم أجدر به أن يرحل، المقال التالي يقدم فيه الاستاذ عبدالحفيظ العمري معنى الفشل الاقتصادي بالأرقام."

... في تصريح للدكتور/ ابوبكر القربي وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال الحالية أعلن فيها ان المشكلة في اليمن اقتصادية ؟
فهل هي كذلك ؟
هل مصدر مشاكل اليمن مكبوسة في الاقتصاد ؟
أقول صحيح فلا يختلف اثنان في العالم على دور الاقتصاد الهام في توجيه سياسات الدول و الأفراد أيضا..
أليست البطالة وضيق اليد والحاجة من أهم دوافع الجريمة ومرتع خصب لها ؟
وهل تبدلات السياسة العالمية إلا صدى لتبدلات الاقتصاد ؟! والعكس بالعكس فهما عاملان يؤثر كل واحد فيهما بالآخر ..
وهذا العامل الاقتصادي أو المشكلة الاقتصادية – على حسب تصريح الأخ الوزير – مؤثر في كل الدول بما فيه دولنا النامية ، ولكي نقف عند حجم هذه المشكلة الاقتصادية في اليمن استأذن القارئ الكريم ان يكن صبورا على الأرقام الكثيرة التي سيقرأها في هذا المقال ، فالأرقام في مجال الاقتصاد – كما نعلم جميعا – هي اصدق إنباء من الكلام الإنشائي فهي المؤشر الحاسم الذي لا لبس فيه ولا يختلف عليه اثنان..
فالأرقام المجردة المثبتة في التقارير الصادرة – سواء من قبل الحكومة اليمنية ممثلة في الجهاز المركزي للإحصاء أو من المنظمات الدولية – هي دليلنا في هذه العجالة ..
فقد صدر تقرير التنمية البشرية لعام 2010م عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حيث يقدم هذا التقرير التقييم المنهجي لأداء عناصر التنمية البشرية للدول المشمولة في هذا التقرير وهي 169 دولة من أصل 192 دولة منضمّة للأمم المتحدة وهذا الاستثناء لتلك الدول كان لصعوبة الحصول على معلومات وافية عنها نظرا للظروف الخاصة بها لكن الاستثناء كان في الترتيب فقط مع بقاء تلك الدول تحت بند (الأراضي أو البلدان الأخرى) وهذه الدول مثل العراق والصومال وكوبا ...وغيرها، لكن على العموم التقرير شمل اغلب دول العالم.

دليل التنمية

يحوي التقرير على دليل التنمية وهو دليل مركب يقيس مستوى الانجازات في ثلاثة أبعاد أساسية للتنمية البشرية وهي الحياة المديدة والصحية والمعرفة والمستوى المعيشي اللائق .
وتم ترتيب الدول تنازليا على حسب هذا الدليل فكان ترتيب اليمن 133 من أصل الـ 169 دولة وهذا الترتيب متدني بين الدول العربية – على الأقل – فلم يأت بعدنا من الدول العربية إلا موريتانيا 136 وجيبوتي 147 والسودان 154 في حين كانت دول عربية في مراكز متقدمة مثل الأمارات 32 ( اول دولة عربية في دليل التنمية) و السعودية 55 وتونس 81 والأردن 82 ومصر 101 وسوريا 111..
شمل التقرير بيانات عن التعليم والصحة والاقتصاد والفروق الجنسية والأمن وغيرها من البيانات..
واللافت في هذا التقرير هو ظهور مصطلح جديد باسم الفقر المتعدد ، فلم يعد مفهوم الفقر هو عدم كفاية الدخل للاحتياجات بل تعداه إلى أشياء أخرى مرتبطة به مثل تدهور الصحة وسوء التغذية وتدني مستوى التعليم والمهارات وعدم كفاية موارد العيش وعدم توفر السكن اللائق والإقصاء الاجتماعي ..كل هذا عبّر عنه التقرير بمصطلح الفقر المتعدد..
ويعتبر الفرد تحت خط الفقر إذا كان يعيش بأقل من دولار وربع في اليوم ( ما يقابل 300 ريال حسب سعر الصرف هذه الأيام) ، حيث جاء في التقرير أن 52.5% من سكان اليمن ضمن الفقر المتعدد ( أي أكثر من النصف) وهي نسبة كبيرة بالمقارنة مع دول عربية مشابهة فهي في العراق 14% والمغرب 28% وجيبوتي 29% أما أعلاها ففي الصومال 81%..
وهذا ليس غريبا إذا علمنا ان نسبة العاملين في اليمن هي 39% فقط من عدد السكان بل وان 26% من هؤلاء العاملين يعيشون – رغم عملهم- تحت خط الفقر؟!
وجاء في التقرير أن نصيب الفرد من الرعاية الصحية هو 104 دولار في السنة ( ما يقابل 25 ألف ريال تقريبا) وهو رقم متدني مقارنة مع 434دولار في الأردن و 463 دولار في تونس و 768 دولار في السعودية ..
أما عدد الأطباء في اليمن – كما جاء في التقرير – هو 3 أطباء لكل عشرة الآلاف شخص في حين يرتفع هذا الرقم إلى 13 طبيب في تونس و 16 في السعودية و26 في الأردن ..
ونصيب الفرد من الدخل القومي فيصل إلى 1160دولار في السنة ( ما يقابل 280 ألف ريال تقريبا) ينمو هذا النصيب بمعدل 2.2 في السنة لكن هل سيصمد هذا النمو مع النمو للسكان الذي يتوقع أن يصل إلى 26 مليون نسمة في عام 2014م و40مليون في عام 2030م ؟!
هذا غيض من فيض تقرير التنمية البشرية لعام2010م حيث يصل التقرير إلى 230 صفحة يمكن الحصول عليه من موقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على الانترنت ..
وأخيرا فأول دولة جاءت في دليل التنمية البشرية ليس الولايات المتحدة الأمريكية كما نعتقد بل النرويج ولم تحتل الولايات المتحدة الأمريكية إلا المرتبة الرابعة بعد استراليا 2 ونيوزلندا 3 ....



***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق